ما الذي زلزل مواقف الديمقراطيين في أمريكا؟


في تحول زلزالي، بدأ الناخبون في معاقل تقدمية تقليدية مثل لوس أنجلوس وسان فرانسيسكو وبورتلاند في إرسال رسالة واضحة: لقد فشلت التجربة التقدمية في مجال السلامة العامة والإسكان وسياسة المخدرات. وأدت عقود من السياسات التي وعدت بالإصلاح والعدالة الاجتماعية إلى ارتفاع مستمر في الجريمة والتشرد وتعاطي المخدرات علنا، وسئم الناخبون الديمقراطيون أخيرا.

ومن خلال رفض المدعين العامين مثل جورج جاسكون من مقاطعة لوس أنجلوس، ورفض دعم رؤساء البلديات مثل لندن بريد من سان فرانسيسكو، وإظهار الدعم للمرشحين الذين تعهدوا بمعالجة التشرد بقوة مثل عمدة بورتلاند المنتخب الجديد كيث ويلسون، يشير الناخبون إلى نهاية الدليل التقدمي الذي أدى إلى الفوضى الحضرية.

لقد أصبح المدعي العام لمقاطعة لوس أنجلوس جاسكون، الذي انتُخِب في عام 2020 على وعد “بإعادة تصور” السلامة العامة، وجها لما حدث من خطأ في سياسات العدالة الجنائية التقدمية. وقد تميزت فترة ولايته بـ “الإصلاحات” المثيرة للجدل التي جعلت المجرمين أكثر جرأة والجمهور مرعوبا.

كان من المفترض أن تؤدي سياسات مثل عدم دفع الكفالة النقدية، وتخفيف الأحكام، والرفض الشامل لمعايير الملاحقة القضائية التقليدية إلى تصحيح أخطاء النظام. ولكن بدلا من ذلك، أعطت المجرمين حرية لمواصلة انتهاك القانون دون خوف من العواقب. وارتفعت جرائم الممتلكات وسرقة السيارات والسرقة المنظمة للتجزئة إلى مستويات غير مسبوقة تحت إشرافه. ومنذ عام 2020، تجاوزت جرائم القتل 300 جريمة في 4 سنوات متتالية، وهو ما لم يحدث مرة واحدة في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين.

وكانت الرسالة بسيطة؛ حيث لم تعد لوس أنجلوس تقدر القانون والنظام. لكن الناخبين استجابوا في النهاية، مطالبين بالمساءلة والعودة إلى السياسات التي تعطي الأولوية لسلامة المواطنين الملتزمين بالقانون على حماية المجرمين المتكررين. لقد طردوا جاسكون من منصبه لصالح المدعي الفيدرالي السابق ناثان هوتشمان.

وعلى نحو مماثل، في سان فرانسيسكو، وجدت رئيسة البلدية بريد، التي كانت ذات يوم نجمة صاعدة للتقدمية، نفسها على الجانب الخطأ من الرأي العام مع تدهور مدينتها. وأصبحت سان فرانسيسكو، التي كانت ذات يوم مركزا مزدهرا للثقافة والإبداع، سيئة السمعة بسبب أسواق المخدرات المفتوحة، ومخيمات المشردين المترامية الأطراف والشوارع المليئة بالإبر والنفايات البشرية.

أما في ولاية كاليفورنيا، فقد تبنى الناخبون الاقتراح رقم 36 وهو ما أدى في الأساس إلى إبطال بعض “الإصلاحات” الكارثية التي نفذها الاقتراح رقم 47 وهو ما يُظهِر أن سياسات الولاية الليبرالية في التعامل مع الجريمة ربما بلغت أخيرا نقطة الانهيار. ففي الأصل، كان الاقتراح رقم 47 يروج له باعتباره وسيلة لتقليص أعداد السجناء وإعطاء المجرمين غير العنيفين فرصة ثانية، ولكن إعادة تصنيف العديد من الجرائم الجنائية باعتبارها جنحا أدت إلى ارتفاع معدلات الجريمة.

لقد أدت السياسات التقدمية مثل إلغاء تجريم حيازة المخدرات، وإنشاء مواقع حقن “آمنة” ورفض فرض قوانين جودة الحياة الأساسية إلى جعل المدينة غير قابلة للتعرف عليها. حتى بريد، التي كانت تغازل أحيانا سياسات إنفاذ القانون الأكثر صرامة، كانت غير قادرة على التراجع عن الضرر الذي أحدثته سنوات من الحكم اليساري. كما أن رفض الناخبين لبريد، وريث ليفي شتراوس ومؤسس المنظمة غير الربحية دانييل لوري، يعكس مجتمعا يائسا لاستعادة العقلانية والأمان إلى شوارعه.

إن الاقتراح رقم 36، الذي يعيد فرض عقوبات أكثر صرامة على مرتكبي الجرائم المتكررة، يُظهِر إدراكا متزايدا بين سكان كاليفورنيا: لا يمكن تبرير السلوك الإجرامي غير المنضبط بالمثل التقدمية.

ثم هناك بورتلاند، المدينة التي هيمنت فيها أعمال الشغب على عناوين الأخبار لعدة أشهر متتالية. وأصبح انفجار مخيمات المشردين محور غضب سكان بورتلاند بسبب السياسات المتساهلة تجاه المخيمات وتعاطي المخدرات علانية. ولكن في الانتخابات الأخيرة، أعطى الناخبون في بورتلاند منصب العمدة لويلسون، وهو شخص من خارج الدوائر السياسية وعد بإنهاء أزمة التشرد من خلال خطة أكثر عدوانية لإحضار الناس إلى منازلهم.

إن هذه الردود العنيفة لابد وأن تكون بمثابة جرس إنذار للديمقراطيين في مختلف أنحاء البلاد، وينبغي لها أن لا تكون صادمة. وكما أوضحت في كتابي “ما الذي يقتل أمريكا: داخل التدمير المأساوي الذي مارسه اليسار الراديكالي لمدننا”، فإن هذه السياسات لم تقدم أكثر من البؤس والفوضى، بل فعلت العكس تماما مما كان من المفترض أن تفعله. فالناخبون لا يرفضون التقدمية لأنهم “رجعيون” بل يرفضونها لأنها خذلتهم بكل بساطة.

المصدر: فوكس نيوز

 

 

 

المقالة تعبر فقط عن رأي الصحيفة أو الكاتب

(adsbygoogle = window.adsbygoogle || []).push({});
Comments (0)
Add Comment