العيش فوق شجرة هربا من حرب في الأدغال!


الولايات المتحدة كانت أرسلت أكثر من مليونين ونصف المليون أمريكي للمشاركة في حرب فيتنام بين عامي 1965 و1973. من بينهم، لقي 58 ألفاً حتفهم، وعاد 123 ألفاً بإعاقات جسدية دائمة، وكان معظم الضحايا من الشباب الذين لم يتجاوزوا الحادية والعشرين من العمر.

أثارت هذه الحرب استياءً واسعاً، خاصة بين فئة الشباب الذين رأوا فيها حرباً بلا معنى. حاول الكثيرون تجنب المشاركة فيها، وبلغ عدد الرافضين للتجنيد 503,926 شخصاً، وهو رقم يفوق بعشرة أضعاف عدد المتهربين من أي حرب أخرى شاركت فيها الولايات المتحدة.

شمل العفو الرئاسي الأمريكي حوالي 100,000 شخص، منهم 10,000 كانوا قد أُدينوا سابقاً بتهمة التهرب من التجنيد الإجباري. كما شمل العفو الأشخاص الذين انتهكوا قانون الخدمة العسكرية الانتقائية بعدم التسجيل في التجنيد أو التهرب منه، بشرط عدم ارتكابهم أعمال عنف.

وعد جيمي كارتر خلال حملته الانتخابية عام 1976 بالعفو عن المتهربين من التجنيد في حرب فيتنام، بهدف وضع حد للانقسامات العميقة في المجتمع الأمريكي ومعالجة تبعات الحرب.

ظهرت حدة هذه المشكلة بشكل واضح عندما فضّل 50 ألف أمريكي، لجأوا إلى كندا هرباً من جحيم فيتنام، الاستقرار هناك بشكل دائم. في المقابل، استفادت أعداد كبيرة أخرى من العفو الرئاسي وعادت إلى بلادها.

تحولت كندا خلال حقبة الحرب الفيتنامية إلى وجهة مفضلة للمتهربين من التعبئة العسكرية، بما في ذلك الأشخاص الذين لم يبلغوا سن التجنيد الإلزامي بعد. كما عبر بعض المجندين الذين قرروا عدم المشاركة في الحرب الحدود إلى كندا بشكل غير قانوني. واستقبلت كندا الجميع دون عراقيل، بل ورحبت بحرارة بالفارين من الخدمة الإجبارية. اعتبرت كندا في ذلك الوقت الحرب في فيتنام حرباً غير أخلاقية، حتى أن ألان ماكياشان، وزير العمل والهجرة الكندي آنذاك، أعلن في عام 1969 أن الأمريكيين اللاجئين إلى كندا هرباً من المشاركة في حرب فيتنام سيحصلون على تصاريح إقامة.

لم يقتصر لجوء الأمريكيين المتهربين من التجنيد إلى كندا فقط، بل وصل بعضهم إلى اليابان والسويد. استضاف بعض اليابانيين المناهضين للحرب المجندين الأمريكيين الفارين، كما حدث الأمر ذاته في السويد.

AP

إضافة إلى فرار المجندين أو المهددين بالتجنيد أثناء حرب فيتنام إلى دول أخرى، تمكن بعض الشبان، خاصة أولئك الذين ينتمون إلى أسر فقيرة، من تفادي الخدمة العسكرية الإلزامية لفترة طويلة باستغلال “ثغرات بيروقراطية”. كما حاول بعضهم تجنب المشاركة في الحرب من خلال تزوير شهادات طبية تثبت معاناتهم من اضطرابات عقلية، أو التظاهر بالانتحار أو تجويع أنفسهم لإثبات عدم أهليتهم للخدمة. لجأ البعض إلى زيادة أوزانهم بشكل مفرط، بينما قطع آخرون أصابعهم أو كسروا أسنانهم عمداً. كما تظاهر عدد منهم بأنهم مثليون جنسياً لتجنب الخدمة.

من بين القصص الكثيرة عن طرق التهرب من الخدمة العسكرية في ذلك الوقت، قصة شاب أمريكي لجأ إلى الجبال واختبأ فيها. بنى كوخاً فوق شجرة وعاش فيه لمدة ست سنوات. كما اختبأ عدد آخر من الأمريكيين الفارين من التجنيد في غابات منطقة نيو إنغلاند الشمالية الشرقية.

فعل الكثيرون من الشباب الأمريكي في تلك الحقبة كل ما في وسعهم لتجنب أن يصبحوا وقوداً في حرب بعيدة في أدغال فيتنام، لا ناقة لهم فيها ولا جمل.

المصدر: RT

(adsbygoogle = window.adsbygoogle || []).push({});

Source link
Comments (0)
Add Comment