إلى أين يتجه الاتحاد الأوروبي؟.. تقييم المستشار السابق للأمم المتحدة




وقال د. حاتم خلال حديثه في برنامج “قصارى القول” مع سلام مسافر على قناة RT عربية: “على الولايات المتحدة الأميركية تغيير طريقة تعاملها مع العالم، وخاصة مع حليفها الأول، الاتحاد الأوروبي، الذي لا يشكل جسمًا واحدًا متماسكًا؛ بل هناك أيضًا العالم الأنجلوسكسوني داخل الاتحاد.”
وأضاف: “ثمة قوى داخل الاتحاد الأوروبي تسعى للخروج منه للحفاظ على استقلاليتها، مثل المجر، وربما لاحقاً اليونان. وتبقى القوتان الكبيرتان هما فرنسا وألمانيا، ومن خلف ألمانيا توجد جميع هذه الدول الأنجلوسكسونية التابعة.”
وشدد حاتم على أن “هناك عالم جديد متعدد الأقطاب قد بدأ منذ الأحداث في أوكرانيا، يتمثل في دول مثل روسيا، الصين، والهند.” مبيناً: “دول بريكس تتحضر اقتصادياً وسياسياً لتقف في وجه هذا العالم الحر القديم الذي أصبح، كما قال نائب الرئيس الأميركي مايك بنس، تحت ديكتاتورية دون وجود ديكتاتور مرئي، وهذا ما تعاني منه القارة الأوروبية ودول الاتحاد.”
وحول احتمال ممارسة أميركا مقاطعة اقتصادية وتجارية وعسكرية تجاه أوروبا، علق حاتم: “أولاً، تصريحات ترامب لدينا خبرة فيها، فهو يقول شيئاً ثم يفعل بعد مدة شيئاً آخر، ومن المبكر الآن أن نؤكد ما ستقوم به الولايات المتحدة الأميركية. ولكن لمصلحة أوروبا، لا ينبغي عليها اليوم أن تعتمد بعد الآن على الولايات المتحدة الأميركية.”
وتابع حاتم: “الرئيس السابق لفرنسا، فرانسوا ميتران، الذي كنت مقربًا منه، وبشكل خاص من وزير خارجيته رولاند دوما، حيث كان الرئيس يقول دائمًا لرولاند دوما: ‘اذهب إلى اجتماعات الاتحاد الأوروبي، ولكن يجب أن تفكر أولًا في الدفاع عن السيادة الفرنسية.’ لكن الأمر تغير بعد أن جاء شيراك، وخاصة الرئيس ساركوزي، حيث سلما فرنسا إلى حلف الناتو الذي تسيطر عليه الولايات المتحدة الأميركية.”
وأضاف: “على فرنسا أن تعود إلى إقامة علاقات وثيقة مع حليفها التاريخي، وهو روسيا، التي تربطها بها علاقات متينة منذ فترة الملكية وحتى اليوم، وصولاً إلى بداية هذه المشكلة التي افتعلتها الأجهزة الأميركية في أوكرانيا لمحاربة روسيا على الأراضي الأوكرانية. كما أنه ينبغي على فرنسا الانفتاح على الصين أو غيرها من الدول.”
وأوضح حاتم أن فكرة “إقامة حلف عسكري أوروبي ليست مقتصرة فقط على دول الاتحاد، بل تشمل الدول الأوروبية الأخرى أيضًا، لكن يعلم الجميع أنه ليست هناك سياسة خارجية مستقلة للاتحاد الأوروبي، بل هناك تبعية لسياسة الاتحاد الخارجي للسياسة الأميركية”، مبيناً أن إحدى التبعيات هي الحلف الأطلسي الذي وصف حاله ماكرون بأنه مصاب بالسكتة الدماغية.
وبالحديث عن رغبة بعض الدول الأوروبية في إقامة حلف عسكري خاص بها، فيما لو “شعرت بأن هناك خطر يهددها قادم من روسيا إذا تحقق ما ترغب به في أوكرانيا”، يبين حاتم: “الواقع أنه في الاتحاد الأوروبي، لا نشكل جسدًا واحدًا، فالدول لديها توجهات وسياسات خاصة بها. على سبيل المثال، قبل خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، كانت توجهاتها السياسية الخارجية وغيرها مختلفة تمامًا عن التوجهات الفرنسية أو اليونانية أو الألمانية.”
وأردف: “دعنا نأخذ مثالاً آخر، القضية القبرصية وكيفية تعاطي الاتحاد الأوروبي معها. ألمانيا لا ترغب في إغضاب تركيا، لماذا؟ لأن لديها جالية كبيرة من الأتراك داخل أراضيها، وهي لن تتعامل بنوع من العداء مع أنقرة، بينما الدول الأخرى، مثل فرنسا، ليست لديها هذه الحساسية الموجودة في ألمانيا. وكذلك اليونان التي تجاور تركيا تتعامل مع القضية القبرصية بشكل مختلف تمامًا عن فرنسا وغربها أو ألمانيا أو الدول الأخرى. إذن، من الصعب إقامة جسد واحد وحلف.”
وشدد المستشار السابق للأمين العام للأمم المتحدة على أنه “يتوجب على هذه الدول الأوروبية إعادة النظر أولاً في مؤسسة الاتحاد الذي أصبح متقدماً في السن، والذي كما يشير العديد من الخبراء، يحتاج إلى تغيير هيكليته. يجب أن يتم ذلك من الناحية الاقتصادية والشكلية والسياسية والتوجهات الخارجية، مما يدفعنا إلى التفكير في الجانب العسكري، إذ لا يوجد طريق واحد للدفاع عن جميع هذه الدول الأوروبية.”

(adsbygoogle = window.adsbygoogle || []).push({});
Comments (0)
Add Comment