يوم تفجرت أنهار من الدماء في القدس!



إقرأ المزيد

مؤرخون الغرب القدماء وثقوا الفظاعات التي جرت في القدس بالتفصيل. وليلم الصوري المؤرخ الصليبي وكان أيضا رئيسا لأساقفة مدينة صور، كتب يقول: “كان من المستحيل أن تشاهد من دون رعب كيف كانت جثث الموتى والأشلاء المتناثرة ملقاة في كل مكان وكيف كانت الأرض كلها مغطاة بالدماء. لم يكن مشهد الجثث المشوهة والرؤوس المقطوعة مشهدا فظيعا فحسب، بل كان الأمر الأكثر إثارة للصدمة أن المنتصرين أنفسهم كانت الدماء تغطيهم من الرأس حتى أخمص القدمين وأرعبوا كل من التقوا بهم. يقولون إن حوالي 10 آلاف من الأعداء ماتوا داخل المعبد، دون احتساب الذين قتلوا في جميع أنحاء المدينة وغطوا الشوارع والساحات؛ ويقولون إن عددهم لم يكن أقل. تفرقت بقية القوات في جميع أنحاء المدينة، وسحبوا مثل الماشية من الأزقة الضيقة والنائية البائسين الذين أرادوا الاختباء هناك من الموت، وقتلوهم بالفؤوس. انقسم آخرون إلى مفارز واقتحموا المنازل وأمسكوا بأرباب العائلات مع زوجاتهم وأطفالهم وجميع أفراد الأسرة وطعنوهم بالسيوف أو ألقوا بهم من بعض الأماكن المرتفعة إلى الأرض فماتوا متحطمين. في الوقت نفسه، كل من اقتحم منزلا، حوله إلى ملكيته الخاصة بكل ما كان فيه، لأنه حتى قبل الاستيلاء على المدينة، تم الاتفاق بين الصليبيين على أنه بعد الاستيلاء سيكون الجميع قادرا على امتلاك كل ما يستولي عليه إلى الأبد. لذلك قاموا بتفحص المدينة بعناية خاصة وقتلوا من قاوم. لقد توغلوا في الملاجئ الأكثر عزلة وسرية، واقتحموا منازل السكان، وقام كل فارس مسيحي بتعليق درع أو أي سلاح آخر على باب المنزل، كإشارة لمن يقترب، ليس للتوقف هنا، بل للمرور لأن هذا المكان قد شُغل بالفعل من قبل آخرين”.

سقطت القدس بعد أن حاصرها الصليبيون لأكثر من شهر من 7 يونيو حتى 15 يوليو عام 1099. احتلوا المدينة وأقاموا بها مملكة بيت المقدس.
 الحملة الصليبية الأولى بدأت بنداء أطلقه البابا أوربان الثاني في 26 نوفمبر عام 1095، وعد فيه كل من يشارك في انتزاع القدس من المسلمين بالغفران من جميع الذنوب والتخلص من الديون.
جموع غفيرة من البسطاء شاركوا على الفور في حملة توجهت إلى القدس، لكنها لم تصل إلى الهدف وانتهى بها الأمر إلى الفشل التام بعد أن سحقها السلاجقة.
بعد عامين من الحملة الفاشلة، تجمع  في عام 1079 جيش مشترك من الفرسان النورمانديين والفرنسيين والألمان، وصلوا على القدس بعد مسيرة أكثر من عامين.
في تلك المناسبة امتلأت المدينة بالأشلاء في أعقاب سقوطها في 15 يوليو عام 1099 بعد هجمات متكررة سابقة باءت بالفشل، جرى آخرها فجر 14 يوليو، حيث قصف الصليبيون المدينة  بالمنجنيقات، ورد المسلمون بوابل من السهام والحجارة على الجدران، وسكبوا الماء المغلي على المهاجمين.

دافع المسلمون ببسالة عن مدينتهم، وألقوا على المهاجمين “قطعا من الخشب المرصع بالمسامير، ولفوها بخرق مشتعلة”، وتمكنوا في البداية من حماية أسوار مدينتهم من ضربات المنجنيق بتغليفها بأكياس محشوة بالقطن.
في النهاية تمكن الصليبيون من الاقتراب بأدوات حصارهم من أسوار القدس، ونجحوا في 15 يوليو في اقتحام المدينة لتبدأ المذبحة.
يصف المؤرخ ريموند من أغيلس المشهد الرهيب بقوله: “كان تانكريد من تارانتا، (هو أحد قادة النورمان الإيطاليين) ودوق لورين .. أول من اقتحموا المكان، ولا يمكن تصديق مقدار الدماء التي أراقاها في ذلك اليوم. ثم تسلق الجميع الجدران، وسقط المسلمون. لكن الشيء المذهل هو أنه حتى عندما استولى الفرنجة على المدينة، بأولئك الذين كانوا مع الكونت، بقي المسلمون يقاومون، كما لو أنهم لم يُهزموا تماما. ولكن بعد ذلك استولى أصحابنا على تحصينات المدينة وأبراجها، ومن ثم سترى مشهدا مذهلا: لقد كُسرت رؤوس بعض المسلمين، وكان الموت أسهل بالنسبة لهم؛ واضطر آخرون اخترقتهم السهام إلى إلقاء أنفسهم من التحصينات. وبقي قسم ثالث يعاني لفترة طويلة ومات محترقا بالنيران. في شوارع وساحات المدينة كان يمكن رؤية أكوام من الرؤوس والأذرع والأرجل”.
سقوط القدس على يد الصليبيين في 15 يوليو 1099 كان له عواقب بعيدة المدى، بل يمكن القول عنها إنها أبدية.
سقطت عدة مدن في الشرق الإسلامي مع الزمن وتوالت الحملات الصليبية، وفي نفس الوقت اشتدت المقاومة دون كلل إلى أن تم تحرير القدس على يد صلاح الدين الأيوبي في 2 أكتوبر عام 1187، وبنهاية المطاف سقطت عكا واستردها المسلمون في عام 1291 وكانت آخر معقل للصليبيين في الأراضي المقدسة.   
المصدر: RT

(adsbygoogle = window.adsbygoogle || []).push({});
Comments (0)
Add Comment