هل يأكل المهاجرون القطط والكلاب في أمريكا فعلا؟


لطالما كات مدينة سبرينغفيلد في ولاية أوهايو رمزا لتقلبات حياة العمال في أمريكا. وكان ازدهار سبرينغفيلد قائما على التصنيع والنشر، لكن انحدارها بدأ مبكرا. فقد أغلق مصنع كرويل كولير العملاق للنشر أبوابه عشية عيد الميلاد عام 1956. وفي عام 1983، خصصت مجلة نيوزويك عددا كاملا لسبرينغفيلد تحت عنوان “الأوقات لم تكن مؤاتية للأحلام”، في إشارة إلى تعذر تحقيق الحلم الأمريكي هناك.

لقد أثبتت السنوات أن سبرينغفيلد كانت أقل ترحيبا، حيث هجر المصنعون المدينة وانخفضت الأجور بشكل حاد. ووجد تقرير صادر عن مركز بيو للأبحاث في عام 2016 أن سبرينغفيلد فقدت المزيد من أصحاب الدخول المرتفعة واكتسبت المزيد من أصحاب الدخول المنخفضة مقارنة بأي منطقة حضرية أخرى في أمريكا. وأصبحت المدينة مطاردة بأمراض اليأس التي تطارد الآن العديد من مجتمعات الطبقة العاملة ما بعد الصناعية الأخرى، من ارتفاع معدلات الإدمان على الكحول والأفيون إلى ارتفاع أعداد حالات الانتحار.

وقبل عقد من الزمان، وضع مجلس المدينة برنامجا لجذب أرباب عمل جدد، بما في ذلك شركات خدمات الأغذية وشركات الخدمات اللوجستية، ومستودع أمازون، وصانع شرائح إلكترونية. وتم خلق آلاف الوظائف الجديدة، رغم أن معظمها ظلت منخفضة الأجر. ولم تعد المشكلة الآن قلة الوظائف المتاحة للعمال، بل قلة العمال الذين يؤهلون الوظائف. وعلى هذا، جاء المهاجرون لسد الفجوة، ومعظمهم من الهايتيين الذين يعيشون بشكل قانوني في أماكن أخرى في أمريكا.

لقد ساعد تدفق المهاجرين في إحياء مدينة تحتضر، لكنه خلق التوترات، حيث أصبح الوصول إلى السكن والخدمات الصحية أكثر صعوبة. واستغلت الجماعات اليمينية القضية لتحويل التوتر إلى كراهية بالحديث عن “غزو” يدمر المدينة. ثم أصبحت الادعاءات أكثر جنونا، مما أدى في النهاية إلى إدانة الهايتيين بأكل الكلاب والقطط الأليفة للناس، وهو الادعاء الذي تحول إلى قضية وطنية من قبل دونالد ترامب في مناظرته الرئاسية مع كامالا هاريس الأسبوع الماضي.

قال ترامب: “في سبرينغفيلد، يأكلون الكلاب. الناس الذين جاءوا يأكلون القطط”. حتى قبل انفجار ترامب، كان الجمهوريون البارزون، بما في ذلك المرشح لمنصب نائب الرئيس جيه دي فانس، والسيناتور تكساس تيد كروز، والحزب الجمهوري في مجلس النواب، وأنصار ترامب مثل إيلون ماسك، قد عملوا جميعا على إدامة الأسطورة، مما أعطاها الشرعية. وقد دفع كثيرون، بما في ذلك ماسك، بنظرية مؤامرة يمينية متطرفة أخرى مفادها أن الديمقراطيين يعملون عمدا على “استيراد ملايين المهاجرين غير الشرعيين” كوقود للتصويت من أجل ترسيخ “حكم الحزب الواحد”.

وكان من الممكن أن تكون قضية سبرينغفيلد مناسبة لمناقشة مثمرة حول السياسات والموارد اللازمة لتشجيع النمو الاقتصادي واستيعاب أعداد كبيرة من الغرباء؛ كمناقشة كيفية خلق وظائف لائقة بأجور لائقة وكيفية تخفيف الضغوط على البنية الأساسية الاجتماعية. ولكن بدلا من ذلك، استخدمها الساسة والشخصيات العامة لترويج الأساطير الحضرية، وتأجيج الكراهية العنصرية.

إن هذه السمة لا تقتصر على السياسة الأمريكية. فبقدر علمي لم يتهم أي سياسي بريطاني طالبي اللجوء بأكل الحيوانات الأليفة، ولكن الساسة السائدين يكررون مخاوف “الاستبدال العظيم” والمخاوف من فقدان البيض لوطنهم.

المصدر: The Guardian

المقالة تعبر فقط عن رأي الصحيفة أو الكاتب

(adsbygoogle = window.adsbygoogle || []).push({});
Comments (0)
Add Comment