في مثل هذا اليوم قبل 15 عاما فتح الإسرائيليون على غزة جحيما من “الرصاص المصبوب” استمر 23 يوما، تلك الحرب وصفت حينها بأنها الأكثر دموية في تاريخ الصراع.
عملية “الرصاص المصبوب” الإسرائيلية التي تواصلت من 27 ديسمبر 2008 إلى 18 يناير 2009، كانت أول عملية عسكرية إسرائيلية واسعة النطاق في قطاع غزة، والوحيدة في وقتها بمرحلتها البرية.
أسفرت تلك الحرب الدموية عن مقتل أكثر من 1400 فلسطيني وإصابة ما يزيد عن 5000 آخرين، فيما يقول الطرف الآخر أنه فقد 10 عسكريين و3 مدنيين، علاوة على إصابة 336 جنديا و182 مدنيا آخرين.
كانت تل أبيب تهدف من تلك العملية، كما هو الحال في الحرب الأكثر عنفا الجارية حاليا في غزة والمتواصلة منذ 7 أكتوبر 2023، إلى القضاء على “خطر” الفصائل الفلسطينية في غزة، الأمر الذي فشلت فيه تماما، وظهر ذلك جليا في عملية “طوفان الأقصى” التي نفذها المقاتلون الفلسطينيون في منطقة الحزام الحدودي وبتوغل بري غير مسبوق.
ما قيل في ذلك الوقت من الطرفين يدل على أن الصراع في المنطقة يدور في حلقة مفرغة، فيما التسوية غائبة تماما عن الأجندة الإسرائيلية والغربية.
ما أشبه اليوم بالبارحة:
وسائل إعلام نقلت في ذلك الوقت عن رومان دريهر، وهو من سكان مدينة أسدود في إسرائيل قوله: “لا أستطيع أن أفهم لماذا انتظروا ثماني سنوات، والآن تصل الصواريخ إلى أسدود. الجميع يدرك أنه إذا لم يتم القضاء على حماس تماما، فستصل في غضون ستة أشهر أو سنة إلى تل أبيب”.
أما محمد أبو شان من سكان غزة فيتحدث عن محتوى الرسائل النصية التي يتلقاها يوميا من الجيش الإسرائيلي، مشيرا إلى أنها أتت على النحو التالي: “صباح الخير، هذا ليس حلما، بل كابوس مررت به بفضل حماس”، وأحيانا يقولون في رسائلهم: “ابق في المنزل، هدفنا حماس وليس أنت”!
حاتم شراب، وهو من غزة ويعمل في مجال الإغاثة الطبية، أشار إلى أن الأطباء يضطرون إلى إرسال المصابين بجروح خطيرة إلى منازلهم، ملخصا الأوضاع المتردية في المستشفيات في ذلك الوقت في القطاع بقوله: “في أي مكان آخر في العالم، كانوا سيعالجون في المستشفى لأسابيع. لكن في غزة، كل شيء مختلف، هذا المكان مليء بالألم واليأس”.
أثناء انصباب الرصاص على غزة في ذلك الوقت، تداولت وسائل الإعلام عدة رسوم كاريكاتيرية، أحدها يمثل مشهدا يتجسد بشكل مضاعف في الجحيم الإسرائيلي الحالي في غزة، وهو يعكس حجم القوة غير المتكافئة على الإطلاق بين الطرفين، وهو الأمر الذي يحاول الكثيرون في الغرب تجاهله.
ومن الصور اللافتة التي التقطت في سماء جحيم تلك الحرب واحدة لآثار غارات جوية ارتسمت في الجو بأعمدة النيران والدخان مشكلة صورة معبرة بدت كما لو أنها لأم تقود طفلا من يده.
في ذلك الوقت أيضا استعملت إسرائيل كل ما لديها من وسائل وفنون الحرب النفسية لكسر مقاومة غزة منها رسالة وجهت إلى مقاتلي حماس تقول: ” أنت الذي تموت في المعركة: ليس لديك فرصة ضد الوحدات الخاصة للجيش الإسرائيلي وأسلحتها. قادتكم يختبئون. أنت وحدك في ساحة المعركة”.
بين الرسائل الأخيرة التي زهرت في هواتف سكان القطاع في تلك الأيام المرعبة واحدة قالت: “الجيش الإسرائيلي مستعد تماما لدخول قطاع غزة”.
الجيش الإسرائيلي كان بعث برسائل نصية ظهرت على شاشات هواتف سكان غزة دعت إحداها السكان إلى الإبلاغ “من دون مقابل” عن مخابئ الأسلحة والفخاخ المتفجرة، لإنقاذ أرواحهم وأسرهم، وكان أن تلقى الإسرائيليون على الأرقام التي أرفقوها آلاف المكالمات من سكان القطاع، وسمعوا ما لا يسرهم!
المصدر: RT
Source link