سياسة بايدن تجاه أوكرانيا تسير نحو الكارثة


إن السماح لأوكرانيا باستخدام الأسلحة الأمريكية لضرب أهداف في الأراضي الروسية يزيد من خطر التصعيد دون مساعدة القدرات الأوكرانية بشكل هادف. روبرت كلارك – ناشيونال إنترست

يواجه حلف شمال الأطلسي (الناتو) نقطة تحول مهمة في دعمه للدفاع عن أوكرانيا ضد روسيا. فقد وافقت إدارة بايدن، بالتوافق مع العديد من حلفاء الولايات المتحدة الأوروبيين، على استخدام الأسلحة الأمريكية لضرب أهداف على الأراضي الروسية حول مدينة خاركوف الأوكرانية.

وجاء القرار بعد أشهر من طرح الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون علنا فكرة انضمام قوات الناتو إلى القتال في أوكرانيا. وبينما نفى البيت الأبيض هذا الاحتمال، أقر الجنرال تشارلز براون جونيور، رئيس هيئة الأركان المشتركة، بحتمية إرسال مدربين عسكريين في نهاية المطاف لتسريع عملية إعداد القوات الأوكرانية حديثة التجنيد للخطوط الأمامية. وتدقع تصريحاته وتصريحات ماكرون بالحرب إلى منطقة مجهولة، مما يخلق فرصا لتصعيد كبير في حين لا يساهمان إلا قليلا في قدرة أوكرانيا على تغيير الحقائق في ساحة المعركة.

إن تصريح بايدن باستخدام المعدات الأمريكية لضرب أهداف في روسيا بالقرب من خاركوف يكشف السياسة الأمريكية التي تعود إلى بداية الحرب الباردة – فبينما تم استخدام المساعدات العسكرية الأمريكية لمهاجمة القوات السوفيتية والروسية، لم يُسمح لها مطلقا بضرب أهداف علانية داخل روسيا.

لقد أثبتت أوكرانيا بالفعل استعدادها لاستخدام ذخائرها بعيدة المدى لضرب أهداف تتعلق بوضع الدفاع النووي الروسي، مثل القاذفات الاستراتيجية النووية في قاعدة إنجلز الجوية في وقت سابق من الحرب ورادار الإنذار المبكر للدفاع النووي قبل بضعة أسابيع فقط. وهذا يخلق خطرا هائلا بأن تنظر موسكو إلى هذا التغيير في السياسة باعتباره المرحلة الأولى لتوسيع جدي للصراع يهدف لانهيار الدولة الروسية.

إن احتمال وجود مدربين تابعين للتحالف على الأرض يخلق وضعا مختلفا عالي المخاطر ومنخفض المكافأة. سيكون المدربون الأمريكيون والفرنسيون وغيرهم عرضة لضربات متعمدة أو عرضية من حملة الصواريخ والطائرات بدون طيار الروسية على مستوى البلاد والتي تستهدف البنية التحتية والأهداف العسكرية الأوكرانية بانتظام، ناهيك عن الخطر المباشر من المدفعية والدبابات والمشاة على المدربين المتمركزين بالقرب من الخطوط الأمامية.

وإذا قُتل هؤلاء المدربون في غارة جوية، فقد تختار الدولة الضحية إثبات أن الهجوم يشكل سببا لتفعيل المادة الخامسة من اتفاقية الدفاع المشترك لحلف شمال الأطلسي. وفي حين يمكن للدول الحليفة أن تختار رفض هذا الادعاء، إلا أن ذلك من شأنه أن يخلق أزمة داخل التحالف. وقد يؤدي ذلك إما إلى تورط الولايات المتحدة بشكل مباشر في الحرب أو إلى صدع كبير في علاقتنا مع الدول الحليفة.

ولسوء الحظ، فإن المخاطر التي تنطوي عليها لا تتوقف عند هذا الحد. ويتم عادة نشر المدربين والمستشارين، الذين غالبا ما يتم اختيارهم من قوات العمليات الخاصة، بالقرب من مناطق النزاع. وتتمثل مهمتهم في تعزيز قدرات القوات المحلية، وتزويدهم بالمهارات والمعرفة اللازمة للمشاركة في القتال بفعالية. ومع ذلك، فإن هذا القرب من الخطوط الأمامية غالبا ما يطمس الخطوط الفاصلة بين التدريب والمشاركة القتالية المباشرة.

وفي أوكرانيا، لن يكون المدربون الأمريكيون مجرد مراقبين سلبيين. فقد شارك المؤلف المشارك جيسون بيردسلي شخصيا في تقديم المشورة والمساعدة للمهام خلال الاثنين والعشرين عاما التي قضاها في القوات المسلحة الأمريكية. وهم يشاركون بنشاط في قيادة وتوجيه القوات المحلية، ومن المحتمل أن يجدوا أنفسهم وسط سيناريوهات قتالية.

وتشير السابقة التاريخية لمهمة المشورة والمساعدة الأمريكية في فيتنام إلى أن إدارة بايدن سوف تسير نائمة نحو سيناريو يساهم في زحف المهمة إلى حرب شاملة. ويصبح التمييز بين تقديم المشورة والمساعدة والتدريب غير قابل للتمييز عن القتال.

وتسلط هذه التجارب الضوء على المخاطر التي سيواجهها المدربون الأمريكيون في أوكرانيا. حيث أن احتمال الاشتباك المباشر مع القوات الروسية، سواء كان مقصودا أو عرضيا، يمكن أن يكون له عواقب بعيدة المدى. كما أن تصعيد الصراع لن يعرض حياة الأفراد الأمريكيين للخطر فحسب، بل سيخاطر أيضا بجر الولايات المتحدة إلى مواجهة أوسع مع روسيا.

تخلق التحولات في سياسة الرئيس بايدن وضعا ستجد فيه الإدارة صعوبة كبيرة في السيطرة على التصعيد في الأزمات. ووعد الرئيس بايدن الشعب الأمريكي بأنه لن يرسل قوات إلى الأرض في أوكرانيا. ولكن من المؤسف أن سياساته الحالية تعمل على إبطاء الولايات المتحدة نحو انتهاك تلك الوعود.

المصدر: ناشيونال إنترست

المقالة تعبر فقط عن رأي الصحيفة أو الكاتب



(adsbygoogle = window.adsbygoogle || []).push({});
Comments (0)
Add Comment