يبدو أن رهان ترامب قد نجح مع المكسيك وكندا، لكن ذلك يمثل دوامة من الفوضى. ويؤسفني أن أبلغكم بأننا دخلنا مرحلة رئاسة دونالد ترامب حيث أصبحت الرسوم الجمركية عنصرا أساسيا في سياسته، يستخدمها للترهيب والضغط إلى حد الغثيان.
إننا نشهد تحركات سياسية فوضوية على المستوى الدولي، مما يدفع الدول والأمريكيين إلى التنافس فيما بينهم، وآمل أن لا نصل لحروب تجارية. وظهر هذا الأمر جليا يوم السبت عندما فرض الرئيس ترامب تعريفة جمركية بنسبة 25% على الواردات الكندية والمكسيكية وتعريفة بنسبة 10% على منتجات الطاقة من كندا.
وبحلول صباح يوم الاثنين، توصل ترامب إلى اتفاق لمدة شهر لتأجيل الرسوم الجمركية مقابل قيام الرئيسة المكسيكية كلوديا شينباوم بإرسال 10 آلاف جندي من الحرس الوطني إلى حدودها الشمالية. كما وافق ترامب على إبطاء تدفق الأسلحة الأمريكية جنوب الحدود. ثم في مساء يوم الاثنين، انتشرت أنباء تفيد بأن ترامب وافق أيضًا على وقف مؤقت مع كندا.
لقد كان أحد الوعود الانتخابية التي أطلقها ترامب هو انتشال الاقتصاد الأمريكي من حالة الركود التي أحدثتها كارثة التضخم التي أوقعت جو بايدن في فخه. ومن بين الطرق التي قد يفشل بها في تحقيق هذا الهدف تنفيذ سياسات التعريفات الجمركية التي تؤدي إلى زيادة أسعار المستهلك.
وكما حذر أحد الخبراء في سياسات التجارة لصحيفة USA TODAY، فإن الرسوم الجمركية أضرت باقتصادنا عندما طبقها ترامب خلال ولايته الأولى. ولكن في الوقت نفسه، يبدو أن هذه السياسات تعمل كاستراتيجية قصيرة الأجل لإجبار دولة أخرى على القيام بشيء يساعد في تحقيق أهدافه السياسية الأخرى.
وقد أشاد الخبير باستخدام ترامب للتهديد بفرض التعريفات الجمركية على كولومبيا الأسبوع الماضي عندما نجح في إجبار البلاد على قبول المهاجرين المرحّلين على متن طائرات عسكرية.
ولكن ربما كان هذا الخبير متحمسا للغاية قبل الأوان، حيث قال: إن ترامب يعشق المديح، ولكنني لم أقصد أن يلجأ إلى استخدام سيف التعريفات الجمركية بشكل عشوائي ومتكرر؛ إذ أن استخدام النفوذ الاقتصادي لحمل دولة أخرى على الاستسلام يبدو وكأنه مخاطرة لأنه قد يأتي بنتائج عكسية على المستهلك الأمريكي. فضلاً عن ذلك، هناك خدعة: التعريفات الجمركية لا تعمل كأداة ضغط إلا إذا كان بوسع الدول الأخرى أن تستخدمها كأداة ضغط.
يتعين على ترامب أن يستخدم هذه الحيل بحذر، وحتى الآن يبدو أنها واحدة من الحيل القليلة المتاحة له. ويتعين عليه أن يظل مركزا وأن يتذكر هدفه البعيد الذي يتمثل في إصلاح الاقتصاد بالسياسات التي يملك نفوذا عليها.
وردت كندا في البداية بتهديدات بفرض رسوم جمركية انتقامية على الولايات الجمهورية أو الولايات المتأرجحة. وحذر حاكم ولاية تكساس غريغ أبوت رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو على منصة X قائلا: كن حذرًا يا ترودو! فاقتصاد تكساس أكبر من اقتصاد كندا، ونحن لسنا خائفين من استخدامه.
وقال رئيس الوزراء جاستن ترودو مساء السبت: “إن الكنديين يدركون أننا بحاجة إلى الرد على هذا الأمر. ونحن بحاجة إلى الرد بطريقة مناسبة ومدروسة وقوية”. ودعونا نرى كيف ستسير الأمور مع ترودو، الذي لا يتمتع بأي قدر من الشجاعة الاقتصادية.
أفادت بوليتيكو أن قائمة التعريفات الجمركية التي اقترحها ترودو، والتي ستدخل حيز التنفيذ يوم الثلاثاء، تشمل الفاكهة من فلوريدا، والأجهزة المنزلية من ساوث كارولينا وأوهايو، والدراجات النارية والقهوة من جنوب بنسلفانيا. وهذه كلها ولايات صوتت لترامب في الانتخابات.
وفي حين يبدو أن مقامرة ترامب قد نجحت مرة أخرى، هذه المرة مع المكسيك وكندا، فإن هذا يمثل زوبعة من الفوضى. فربما كانت كندا على وشك استهداف حلفاء ترامب مثل تكساس، حيث كانت ولاية محافظة لفترة طويلة، ولا تزال أجندة ترامب المحافظة تتكشف في هذه الولاية، بفضل تنفيذ أبوت، بسرعة ملحوظة.
وفي خطابه عن حالة الولاية ليلة الأحد، تعهد أبوت بإقرار المزيد من الإعفاءات الضريبية على الممتلكات، وزيادة رواتب المعلمين، وأخيراً سن قانون اختيار المدارس لجميع المواطنين بدعم من الرئيس الذي أصدر أمرا تنفيذيا بهذا الخصوص.
إن أبوت له الحق في توبيخ ترودو بسبب محاولاته الانتقامية لفرض التعريفات الجمركية، فاقتصاد تكساس يأتي في المرتبة الثانية بعد اقتصاد كاليفورنيا. وفي عام 2022، شكّلت تكساس أكثر من 9% من الناتج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة.
لكن تكساس هي في الواقع مركز تركيز ترامب على الهجرة وأمن الحدود، والذي ساعد ترامب في تأمينه من خلال إصدار أمر بتعطيل تطبيق الجمارك وحماية الحدود الأمريكية، المستخدم لتسريع عملية الهجرة. كما نشر قوات على الحدود كرادع إضافي للمتسللين غير القانونيين.
ولكن يتعين على ترامب أن يستخدم الرسوم الجمركية كتهديد بشكل أكثر احترافية من الناحية الاقتصادية. فقد وعد بمساعدة الاقتصاد، ولابد أن يظل مركزا على هذا الأمر. ولن تساعده الرسوم الجمركية في تحقيق هذا الهدف.
أما بالنسبة لولاية تكساس، فهي تعكس أجندة ترامب. ولماذا لا؟ فمن منا لا يريد طاقة متحررة، واختيار المدارس للجميع، وعدم فرض ضريبة الدخل، واقتصاد مزدهر؟
المصدر: USA Today
المقالة تعبر فقط عن رأي الصحيفة أو الكاتب