عرف بطرس الأكبر بحبه للاستكشاف والسفر وولعه بالثقافة الأوروبية الغربية، وأثناء فترة حكمه انتهج سياسة ثقافية جديدة للدولة أثرت على العديد من المجالات، مثل الأزياء والموضة عند بعض طبقات المجتمع الروسي حينها.
ما بين عامي 1697 و1698 قام بطرس الأكبر برحلة إلى أوروبا الغربية للتعرف على بلدان تلك المناطق وثقافاتها، وتبعا للمؤرخين أعجب القيصر بالعديد من الأمور التي شاهدها، مثل التقنيات والأزياء، بل أعجب أيضا بثقافة الحياة اليومية عند تلك الشعوب.
وعند عودته إلى بلاده قرر تبني بعض الأمور المرتبطة بمجال الأزياء والمظهر العام وخصوصا عند رجال الدولة وطبقة النبلاء في المجتمع، وأجبر بعض النبلاء على حلق لحاهم، بل وقص لحية بعضهم بنفسه، كما فرض ضرائب باهظة على من يخالف تعليماته، وفي 14 يناير عام 1700 وقع مرسوما، أطلق عليه مرسوم “ارتداء الملابس على الطريقة الهنغارية”، إذ ألزم هذا المرسوم الأشخاص المقربين من القيصر والنبلاء والمسؤولين وكبار الموظفين بارتداء ملابس شبيهة بملابس الطبقة الغنية في بلدان أوروبا الغربية حينها، وفي عام 1702 أصدر مرسوما ملكيا جديدا يقضي بإلزام النبلاء وسكان المدن بارتداء الملابس الفرنسية في أيام الاحتفالات.
التحديات والتباينات الاجتماعية:
على الرغم من حماس بطرس الأكبر لتحديث روسيا، واجهت إصلاحاته انتقادات كبيرة. كانت الفترة المحددة لتنفيذ المرسوم قصيرة، كما أن الملابس الهنغارية لم تكن “أوروبية” بما يكفي، مما دفع بطرس لإصدار مرسوم جديد يضيف الملابس الألمانية والفرنسية. ومع ذلك، كانت هذه الأزياء غير عملية في الشتاء الروسي، حيث اضطر الناس لارتداء ملابس قصيرة وجوارب بدلا من الفراء الدافئ. بالإضافة إلى ذلك، لم تُطبق الإصلاحات على رجال الدين والفلاحين، الذين كانوا يشكلون 90% من السكان، مما زاد من الفوارق الطبقية وعمّق الانقسام بين النخبة الأوروبية المحدثة وبقية الشعب.
من جهته قال الأستاذ والباحث الروسي في علوم التاريخ، أليكسي أرانوفيتش:”لم تكن هناك أسباب موضوعية لتبني الأزياء الأوروبية في روسيا حينها، لقد أغرم القيصر بهذه الأزياء أثناء رحلته إلى أوروبا الغربية، لكن هذه الأزياء لم تكن عملية ومناسبة للطقس في روسيا، كما أدى انتقال النبلاء إلى الزي الأوروبي حينها إلى تعزيز الفوارق الطبقية في المجتمع الروسي. “الإصلاح العصري” الذي قام به بطرس الأكبر كان له تأثير قوي على حياة النبلاء وسكان المدن وخاصة النساء، فالنساء كان عليهن التكيف مع الملابس الفرنسية في الشتاء الروسي وتحمل الإزعاج المرتبط بارتداء مشدات الخصر، كما أن النساء المتزوجات حينها كان عليهن التأقلم مع التخلي عن ارتداء غطاء الرأس للتكيف مع موضة تصفيف الشعر الغربية حينها. من ناحية أخرى بدأ تصفيف الشعر في روسيا يتطور بسرعة، وأصبحت المجوهرات باهظة الثمن من الموضة”.
المصدر: RT
إقرأ المزيد
قصر الكرملين الكبير – تحفة موسكو المعمارية
في مطلع القرن الـ 18 نقل الإمبراطور بطرس الأكبر العاصمة الروسية من موسكو إلى سانكت بطرسبورغ، لكن العاصمة القديمة بقيت مكانا تقام فيه مراسم تتويج القياصرة الروس وفق التقليد العريق.
(adsbygoogle = window.adsbygoogle || []).push({});
Source link