يخاطب نتنياهو، المتهم من قبل المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية بارتكاب جرائم حرب في غزة، اللبنانيين بالقول: لديكم فرصة لإنقاذ لبنان قبل أن يسقط في هاوية ستؤدي إلى الدمار والمعاناة كما نرى في غزة.
إن نتنياهو، الذي يرفض الاتهامات التي وجهتها إليه المحكمة الجنائية الدولية، يهدد علنا بفرض نفس التكتيكات العسكرية المدمرة التي استخدمت في غزة على الشعب اللبناني. ولو كان راغبا حقا في مساعدة اللبنانيين على التعامل مع حزب الله، فإنه لن يأمر جيشه بغزو جنوب لبنان وبالتالي إحياء حزب الله. إذ أن هذا الحزب تواجد، ولو جزئيا، لمقاومة احتلال إسرائيل لجنوب لبنان، الذي بدأ في عام 1982 ولم ينته إلا في عام 2000. ولن يقبل الآن احتلالا إسرائيليا جديدا.
وحتى لو لم تحتل إسرائيل الأراضي اللبنانية هذه المرة، فمن غير الممكن أن يتمكن اللبنانيون من نزع سلاح منظمة شبه عسكرية أقوى كثيرا من الجيش اللبناني. وبالمناسبة، يتعرض هؤلاء اللبنانيون أنفسهم للقتل والتشويه والإرهاب والتهجير على يد الجيش الإسرائيلي. وإذا حملت الطوائف اللبنانية السلاح ضد حزب الله، فإن العودة إلى الحرب الأهلية، التي شهدها لبنان من عام 1975 إلى عام 1990، سوف تكون مؤكدة تقريبا.
لقد حاول الحزب أن يبرز وحدة الساحات مع غزة في 2006 حين أسر جنديين إسرائيليين ولكن الثمن كان باهظا على لبنان واللبنانيين حينها. وكرر الحزب نفس التجربة بعد 17 عاما ولكن هذه المقامرة كانت مدمرة، حيث تسببت بهجوم شرس من إسرائيل قتل معظم قادته بمن فيهم الأمين العام حسن نصر الله. ليعقب ذلك هجوما هائلا على جنوب لبنان وتدميرا شبه كامل للضاحية الجنوبية، مما ترك عناصر الحزب بحالة من عدم اليقين بشأن المستقبل.
وسيكون من غير الصادق أو الساذج أن نقول إن تحول حزب الله إلى كيان سياسي بحت، بالتوازي مع الاندماج الكامل لقواته في الجيش اللبناني، من شأنه أن يبقي فجأة التهديدات الإسرائيلية تحت السيطرة.
ولكن لبنان سوف يظل دائما في موقف أقوى للدفاع عن نفسه وحماية سيادته إذا تحدث بصوت واحد. والواقع أن صمام الأمان الأقوى للجماعة وأنصارها الشيعة هو احتضان الشعب اللبناني الجماعي. ولكن لكي تكسبه، يتعين عليها أولا أن تلقي سلاحها وتصبح شريكا متساويا في إعادة إعمار لبنان. فهل ستتخذ هذا الخيار؟
المصدر: The Guardian
المقالة تعبر فقط عن رأي الصحيفة أو الكاتب