حرب بريطانيا الخاسرة ضد “قنابل القاهرة”!




من بين العمليات الجريئة التي نفذت بجنوب اليمن ضد الاستعمار البريطاني، واحدة جرت في 10 ديسمبر عام 1963، وتسببت في إصابة المندوب السامي البريطاني وأكثر من 35 من المسؤولين الآخرين.

إقرأ المزيد

في تلك العملية قام قيادي في المقاومة اليمنية بالمنطقة ويدعى خليفة عبد الله حسن خليفة بإلقاء قنبلة في مطار المدينة فيما كان مسؤولون بريطانيون ومحليون يستعدون للصعود إلى الطائرة والسفر إلى لندن للتباحث بشأن مستقبل الاتحاد الفيدرالي.العملية تسببت في إصابة المندوب السامي البريطاني كنيدي تريفاسكس، ومقتل نائبه جورج هندرسن، وجرح أكثر من 35 من المسؤولين الآخرين في حكومة اتحاد جنوب الجزيرة العربية.اللافت أن خليفة عبد الله حسن خليفة على الرغم من أنه اعتقل وآخرين في المطار عقب الانفجار إلا أنه شارك في انتخابات المجلس التشريعي واكتسح منافسيه، ثم انتقل لاحقا للعيش في دولة الإمارات العربية إلى أن توفى في عام 2007.يشار إلى أن بريطانيا كانت ضمت على مراحل 17 ولاية بما في ذلك عدن ومحميات تابعة لها فيما بات يعرف لاحقا باليمن الجنوبي بين عامي 1962 – 1964 في اتحاد جنوب الجزيرة العربية، وفي 30 نوفمبر 1967، ألغي هذا الاتحاد رسميا باستقلال البلد.حرب التحرير ضد الاستعمار البريطاني فيما يعرف في وقت لاحق بمنطقة اليمن الجنوبي بدأت في خريف عام 1963 في عدة مناطق نائية جبلية ثم امتدت إلى عدن، المدينة والميناء الاستراتيجيين.المقاومة اليمنية شنت بدعم من مصر في عهد الزعيم جمال عبد الناصر حرب عصابات ضد القوات البريطانية في المنطقة، وتمثلت الهجمات في إلقاء المقاومين قنابل يدوية على الدوريات البريطانية.في البداية استعمل ثوار جنوب اليمن قنابل يدوية كانت القوات البريطانية خلفتها وراءها في السويس أثناء العدوان الثلاثي في عام 1956، وكانت تعرف باسم “قنابل الطواحين”، ثم استبدلت بالقنابل اليدوية السوفيتية “إف – 1” المعروفة أيضا باسم “ليمونكا”.في ذلك الوقت كانت السلطات البريطانية لا ترى في الثورة المسلحة في المنطقة ضدها إلا عمليات من مصر الناصرية ضد نفوذها، وكانت تسمي تلك الهجمات “قنابل القاهرة”!الثوار المقاتلون ضد الاحتلال البريطاني في عدن وما حولها استخدموا أيضا قذائف الهاون، وقيل إن المدربين المصريين العسكريين قاموا بتعليم “التمردين” طريقة صنعها بأعداد كبيرة في وقت واحد من أنابيب المياه العادية.واجهت القوات البريطانية عمليات المقاومة المسلحة بعنف شديد، وقام الجنود البريطانيون بمداهمات بحثا عن الأسلحة، وتم القبض على “المتمردين” بشكل جماعين وجرى إرسالهم إلى مراكز الاعتقال والاحتجاز.وسائل الإعلام البريطانية في ذلك الوقت تحدثت عن أساليب تعذيب وحشية اتبعتها القوات البريطانية، كما سجلت أن “أساليب الاستجواب التي استخدمها الجيش البريطاني في تلك المراكز سرعان ما أصبحت موضع انتقادات حادة من منظمة العفو الدولية والصليب الأحمر الدولي”.كما تم الكشف عن وحدات سرية بريطانية من قوات المشاة تعمل منذ عام 1966 وكان كان أفرادها المسلحون يتنكرون في زي العرب ثم يقومون باصطياد المقاومين في الأزقة الضيقة ليلا، علاوة على محاولتهم العثور على مخابئ الأسلحة.تواصل الكفاح المسلح ضد البريطانيين، وحاولت السلطات البريطانية، برئاسة المفوض السامي ريتشارد تورنبول، تشكيل دولة جديدة في المنطقة، ووعد خلال المؤتمر الدستوري الذي عقد في لندن في عام 1964، بمنح الدولة الجديد  الاستقلال في عام 1968 بشرط ارتباطها باتفاقية دفاع مشترك مع بريطانيا، وأن تمنح لها قاعدة عسكرية في عدن.خطط لندن تغيرت في 23 فبراير عام 1966 بإعلان حكومة هارولد ويلسون العمالية بمنح المنطقة استقلالها الكامل قبل عام 1968، مع مغادرة القوات البريطانية بالكامل وتخليها عن فكرة “تحويل عدن إلى غوانتانامو بريطانية”، بسبب الأوضاع المالية الصعبة!بريطانيا بدأت في إجلاء قواتها من منطقة جنوب الجزيرة العربية صيف عام 1967، وبحلول سبتمبر استولت جبهة التحرير الوطني على معظم أرجاء البلاد.خلال تلك الفترة من الصراع المسلح بين عامي 1963 – 1967، قتل حوالي 200 بريطاني، منهم 98 من الوحدات النظامية، وأصيب 1500، فيما تقدر الخسائر في صفوف المقاومين المحليين بحوالي 2000 قتيل.حرب التحرير تلك يعدها العديد من المؤرخين البريطانيين الوحيدة “في تاريخ الاستعمار البريطاني التي ألحقت الهزيمة بالجيش البريطاني والدولة البريطانية”.المصدر: RTتابعوا RT على

(adsbygoogle = window.adsbygoogle || []).push({});
Comments (0)
Add Comment