السفير الإيراني يوضح مستقبل العلاقات بين موسكو وطهران في عهد ترامب


إقرأ المزيد

ففي مقابلة مع وكالة “مهر” الإيرانية، تم التطرق إلى زيارة الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان إلى موسكو في 7 يناير الماضي والتقائه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، حيث جرى التوقيع على اتفاقية الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين البلدين.

ويتضمن اتفاق الشراكة الاستراتيجية بين روسيا وإيران 47 بندا، وأكدت روسيا وإيران في المعاهدة التزامهما تطوير التعاون التقني العسكري إذ تعتبرانه مكونا مهما للحفاظ على الأمن العالمي.

واتفقتا على تعزيز تعاون وسائل الإعلام في البلدين لمواجهة التضليل والدعاية السلبية.

كما ستزيد أجهزة الاستخبارات الروسية والإيرانية من مستوى تعاونهما، حسبما جاء في المعاهدة.

واتفق الطرفان بموجب معاهدة الشراكة الاستراتيجية الشاملة، على التعاون على إنشاء بنية تحتية للمدفوعات من أجل التسويات المتبادلة تكون مستقلة عن أية دول ثالثة، بالإضافة إلى بنود أخرى.

وفي هذا الصدد، رد السفير الإيراني على سؤال: “من الناحية السياسية، هذا الاتفاق يحمل في طياته رسالة إلى الغرب، وخاصة في وقت صعود ترامب إلى السلطة، مفادها أنه يظهر مزيدا من التقارب والتعاون بين إيران وروسيا. ومن هذا المنطلق هل يمكن اعتبار هذا الاتفاق نوعا من المعارضة للنظام الغربي الأحادي الجانب؟”

قال كاظم جلالي: “يمكن الإجابة على هذا السؤال المهم من منظورين سياسيين: الأول، من منظور الواقعية البنيوية، وهو أن النظام العالمي الذي يعتمد على النموذج والنمط الغربي المتمركز حول أمريكا في الظروف الحالية آخذ في التهاوي. وإن التطورات والاتجاهات الاستراتيجية العالمية في عام 2024 تظهر بوضوح أن النظام العالمي دخل في مرحلة انتقال بنيوية من نظام الأحادية القطبية إلى نظام تعدد الأقطاب”.

إقرأ المزيد

وأضاف جلالي: “إن تزايد المعارك الكبرى في مناطق عالمية مهمة، والحرب الاقتصادية وما تلاها من اعتماد استراتيجية العقوبات (أداة غير قانونية للضغط على الحكومات والدول)، والجرائم ضد الإنسانية والإبادة الجماعية في غزة ولبنان، ومشكلة اللاجئين والنازحين في العراق وسوريا، والقضايا البيئية، وانعدام الأمن في مجالات الاقتصاد، والصحة، والطاقة، والغذاء، كلها عوامل أدت إلى تفاقم هذه الظاهرة وانهت حقبة “العولمة على الطريقة الأمريكية”.

وتابع: “إن صراع القوة، الذي بدأ بطبيعة اقتصادية وجيو اقتصادية، ستكون له عواقب سياسية وأمنية واسعة النطاق في أبعاد مختلفة على مستقبل النظام العالمي. وفي مثل هذا النظام، تستمر الولايات المتحدة والصين وروسيا والهند، باعتبارها قوى عظمى، ودول أخرى مثل الجمهورية الإسلامية الإيرانية وتركيا وجنوب إفريقيا والبرازيل، باعتبارها جهات فاعلة إقليمية، في تشكيل العلاقات العالمية والاقتصادات العالمية”.

وأكمل: “ستكون الوحدات الأصغر والجهات الفاعلة غير الحكومية مؤثرة أيضاً في استحداث فرص إعادة رسم الحدود أو تشكيل جزء من التطورات. ورغم أنه في مثل هذه البيئة، سوف تستمر المؤسسات المتعددة الأطراف على النمط الغربي مثل منظمة حلف شمال الأطلسي (الناتو)، ومنظمة التجارة العالمية، وصندوق النقد الدولي، والبنك الدولي في العمل بشكل غير فعال، إلا أن آليات إقليمية ودولية جديدة ذات أهداف متناقضة في بعض الأحيان سوف تنشأ، بما في ذلك منظمة شنغهاي للتعاون، ومجموعة “البريكس”، والاتحاد الاقتصادي الأوراسي، في أجندة الجهات الفاعلة الناشئة والمستقلة والعالمية في الجنوب كنموذج بديل”.

واستطرد السفير الإيراني: “ومن خلال هذه القراءة الواقعية (البنيوية)، يمكننا أن نصل إلى الحجة المنطقية التي تقول إن “نظام الأحادية القطبية الذي يدور حول أمريكا والغرب” يواجه تحديا أساسيا وشرخا خطيرا. ومع ذلك، نرى أن الجهات الفاعلة الناجحة في عالم تتسع فيه التطورات الجيوسياسية بسرعة هي تلك التي تستطيع هيكلة تعاونها لحماية نفسها من الضرر المحتمل. ولا تقتصر هذه الهيكلة على الاتفاقيات الاقتصادية والسياسية والدفاعية فحسب، بل يمكن أن تمتد أيضا إلى المجالات الثقافية والبيئية والعلمية والتكنولوجية.. في ظل هذه الظروف، تعكس الرغبة في إنشاء وتنفيذ إطار قانوني شامل وطويل الأمد للتعاون المستقبلي بين الجمهورية الإسلامية الإيرانية والاتحاد الروسي، المسمى “معاهدة الشراكة الاستراتيجية الشاملة”، الفهم العميق للنخب التنفيذية في كلا البلدين لتعقيدات ومتغيرات النظام العالمي”.

وتابع كاظم جلالي: “ثانيا، من منظور التنافس الاستراتيجي بين القوى العظمى، وما هي هيكلية توزيع القوى في العلاقات الدولية في الوضع الحالي، يرى المحللون في مجال السياسة الدولية أن المنافسة الاستراتيجية بين الولايات المتحدة والصين وروسيا تشكل التحدي الأكثر أهمية من حيث تأثيراتها وعواقبها على النظام الدولي اليوم ومستقبلا، لأن طبيعة هذه المنافسة هي، من ناحية، مواجهة خطيرة بين وجهتي نظر ذاتَي نماذج وهويات متعارضة، ومن ناحية أخرى، هناك العديد من القضايا المتباينة في العلاقات الحالية بين البلدان الثلاثة والتي من المحتمل أن تؤثر على الاقتصاد الكلي. إن هذه العمليات الدولية تؤثر على موقع الوحدات المتفوقة في النظام وحرية عملها في تثبيت النظام المطلوب”.

وأوضح قائلا: “إن التحدي والتهديد الأهم الذي تواجهه أمريكا في العصر الحالي سيكون زيادة مستوى التقارب والتحالف بين إيران وروسيا والصين في البيئة الخارجية. فمن وجهة نظر النخب الأمريكية، تستطيع طهران وموسكو وبكين، في الأمد المتوسط، أن تستجمع قوتها الاقتصادية والدبلوماسية والعسكرية والتكنولوجية لتشكل تحديا دائما للنظام العالمي القائم على النمط الغربي، ولتتسبب تالياً في انشاء نظام عالمي جديد يكون متعدد الأقطاب.. ونتيجة لهذا فإن التوسع الإضافي للعلاقات بين طهران وموسكو وتشكيل كتل إقليمية جديدة في وقت لاحق، وخاصة مع وجود قوى آسيوية ناشئة أخرى مثل الصين والهند، من شأنه أن يعزز ويثبت اتجاهات التعددية على المستوى العالمي. وهذا يتعارض تعارضا مباشراً وكبيراً مع مصالح ومطالب الإدارة الأمريكية الجديدة، التي وضعت شعار “أمريكا أولاً”.. أي الأحادية والهيمنة على العالم.. في مقدمة سياساتها العالمية”.

وعن تقييمه لمستقبل العلاقات بين روسيا والولايات المتحدة وأثرها على العلاقات بين موسكو وطهران في ظل هذا الاتفاق، قال السفير كاظم جلالي موضحا: “تشهد أمريكا والغرب ظهور هياكل وترتيبات غير غربية رغما عنهما وخلافاً لرغباتهما، وهذه الترتيبات تتوسع وتتعزز يوما بعد يوم.. ومن الطبيعي أن يكون أحد أهداف السياسة الخارجية الأمريكية هو منع تشكيل أي ترتيبات سياسية أو اقتصادية أو أمنية ليست محورية بالنسبة لها أو خارجة عن سيطرتها”.

واستطرد جلالي : “وها هو الآن استعاد العالم غير الغربي أو الجنوب العالمي موطئ قدمه، والمنظمات والاتفاقيات التي تم التوصل إليها تعمل على تعزيز دور هذا العالم غير الغربي. ومن ثم، تصبح إيران وروسيا جزءا من هذه المساحة الجديدة، وقد بذلتا كل جهد ممكن من أجل خلق تقارب في المساحة التي تشكلت حديثا. ومن المفهوم في هذا الصدد استعداد البلدان للانضمام إلى مجموعة البريكس ومنظمة شنغهاي للتعاون. وتُعتبر الجمهورية الإسلامية الإيرانية والاتحاد الروسي لاعبين مهمين في هذا المجال، وهذا اتجاه لا رجعة فيه”.

المصدر: وكالة “مهر”

(adsbygoogle = window.adsbygoogle || []).push({});

Source link
Comments (0)
Add Comment