فاجأ سهل واسع ومسطح “عديم المعالم” على سطح المريخ العلماء بالكشف عن تاريخ جيولوجي أكثر اضطرابا مما كان متوقعا، وفقا لدراسة أجراها فريق من جامعة أريزونا.
وقد انفجرت كميات هائلة من الحمم البركانية من العديد من الشقوق منذ مليون سنة مضت، حيث غطت مساحة كبيرة، تقريبا مثل ألاسكا، وتفاعلت مع الماء داخل السطح وتحته، ما أدى إلى حدوث فيضانات كبيرة تسببت في حفر قنوات عميقة.
ونظرا لافتقاره إلى الصفائح التكتونية (قطع القشرة المتحركة التي تعيد تشكيل سطح الأرض باستمرار) يُعتقد منذ فترة طويلة أن المريخ كوكب “ميت” جيولوجيا. لكن الاكتشافات الحديثة دفعت العلماء إلى التشكيك في هذه الفكرة.
وفي العام الماضي فقط، قدم فريق من علماء الكواكب، من جامعة أريزونا أيضا، دليلا على وجود عمود ضخم من الوشاح تحت منطقة “إليسيوم بلانيتيا” (Elysium Planitia)، ما يشير إلى نشاط بركاني وزلزالي مكثف في الماضي القريب نسبيا.
وفي أحدث دراسة، قام فريق بقيادة جوانا فويت وكريستوفر هاميلتون من مختبر القمر والكواكب في أريزونا بدمج صور المركبات الفضائية وقياسات من رادار مخترق للأرض لإعادة بناء تفاصيل ثلاثية الأبعاد لكل تدفق للحمم البركانية الفردية في “إليسيوم بلانيتيا”.
وكشف المسح الشامل ووثق أكثر من 40 حدثا بركانيا امتدت لفترة تتراوح بين 120 مليون إلى مليون سنة مضت.
وتسلط الدراسة الضوء على حجم بعض هذه الأحداث البركانية، حيث غمر ثوران بركاني وادي Rahway Valles بأكثر من 16 ألف كم مكعب من البازلت المنصهر، ووادي Marte Vallis بنحو 12200 كم مكعب. وغمرت التدفقات أيضا واديا يُدعى Athabasca Valles بنحو 4 آلاف كم مكعب من البازلت المنصهر.
ومن الممكن أن تكون هذه الأحداث الكارثية في “إليسيوم بلانيتيا” قد تسببت أيضا في حدوث فيضانات هائلة من المياه الجوفية، وهناك أدلة على أن الحمم البركانية المتدفقة تفاعلت مع الماء أو الجليد، وشكلت المناظر الطبيعية بطرق مثيرة عبر “إليسيوم بلانيتيا”.
ووجد العلماء أدلة وافرة على الانفجارات البخارية، وهي تفاعلات ذات أهمية كبيرة لعلماء الأحياء الفلكية لأنها ربما خلقت بيئات حرارية مائية مواتية للحياة الميكروبية.
وكتب العلماء في ورقتهم البحثية: “إن إليسيوم بلانيتيا هي أصغر التضاريس البركانية على هذا الكوكب، وتساعدنا دراستها على فهم ماضي المريخ بشكل أفضل بالإضافة إلى التاريخ الهيدرولوجي والبركاني الحديث. وعلى الرغم من عدم ملاحظة أي نشاط بركاني حتى الآن على المريخ، منطقة إليسيوم بلانيتيا كانت أكثر نشاطا بركانيا مما كان يعتقد سابقا، وربما ما تزال على قيد الحياة بركانيا حتى اليوم”.
وقدمت مجموعة كبيرة من زلازل المريخ التي سجلتها مركبة الهبوط “إنسايت” (InSight) التابعة لناسا بين عامي 2018 و2022، دليلا على أن الكوكب الأحمر تحت سطحه ليس “ميتا” على الإطلاق.
وقال هاميلتون: “توفر دراستنا الحساب الأكثر شمولا للنشاط البركاني الحديث جيولوجيا على كوكب آخر غير الأرض. إنه أفضل تقدير للنشاط البركاني الجديد على كوكب المريخ منذ نحو 120 مليون سنة الماضية، وهو ما يتوافق مع الوقت الذي جابت فيه الديناصورات الأرض في ذروتها”.
وهذه النتائج لها آثار على الأبحاث المتعلقة بما إذا كان المريخ قد كان يؤوي حياة في مرحلة ما من تاريخه، وفقا للعلماء.
ويعتقد العلماء أن النشاط البركاني الأخير في منطقة “إليسيوم بلانيتيا” واكتشاف النشاط الزلزالي يشيران إلى أن المريخ ما يزال نشطا بركانيا ويوفران رؤى قيمة حول الظروف البركانية والصهارية والمائية الحالية للكوكب.
وتفتح هذه الدراسة التي تسلط الضوء على الجوانب الجيولوجية وقابلية السكن المحتملة للمريخ، آفاقا جديدة للاستكشاف المستقبلي ومزيد من الفهم للكوكب الأحمر.
المصدر: phys.org
Source link