إن الأحداث الجارية في الشرق الأوسط لا تصلح للفكاهة. لكن الرئيس الأمريكي دونالد ترمب نجح في تحويل مأساة الفلسطينيين في قطاع غزة إلى مسرحية. فقد انتشر عبر الإنترنت مقطع فيديو يصوّر مستقبل للمنطقة ينعم بالأناقة والفخامة والتألق. ويُطلق على المستقبل اسم “ريفييرا الشرق الأوسط” أو “غزة ترمب”، ويظهرها خالية من الهموم، وسعيدة، وغنية. ترمب يستمتع على شاطئ غزة مع إيلون ماسك و… رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.
إنه أمر مخيف، أليس كذلك؟ لا، ليس على الإطلاق لأن دونالد ترمب موجود في كل مكان بتصاميم وأحجام مختلفة. فالأمر المخيف هو أن هذه الرؤية لمستقبل غزة لا تشمل الفلسطينيين في القطاع.
ونحن نذكر جيدًا كيف خطط ترمب، عندما اقترح تحويل قطاع غزة إلى “ريفييرا”، إلى ترحيل الفلسطينيين وتشتيتهم في العالم. هذا كله لا يبدو مزحة غير مؤذية، بل هو أشبه بإبادة جماعية كاملة الأركان.
ومن المثير للسخرية أيضًا أن الإدارة الأمريكية الجديدة تدعم إسرائيل، وليس محاولة تقريب السلام، بل محاولة تحقيق نهاية سريعة للصراع في غزة الفلسطينية. يقولون إنهم سيُفرّغون المنطقة (من أصحابها) ليس من أجل الإسرائيليين فحسب، بل والأميركيين الذين يسعون إلى تجارب جديدة أيضًا.
يطرح الشريط المصوّر السؤال التالي: كيف ستكون ردة فعل اللاعبين الإقليميين الآخرين على حقيقة أن غزة ستصبح الآن فرع الشرق الأوسط للمكتب البيضاوي؟ من الواضح أن غزة، للأسف الشديد، لا يمكن أن يكون مستقبلُها مستقبلًا جرى بناؤه على الدم والخداع، إنها معرضة لخطر الانقراض عن وجه الأرض.
المقالة تعبر فقط عن رأي الصحيفة أو الكاتب