للأسبوع الثالث على التوالي، لم يتوقف الرئيس الأمريكي عن إطلاق أفكار تبدو ثورية أو حتى جنونية للمراقبين الخارجيين، ويترجمها إلى حلول ملموسة.
يوضح ترامب أنه عندما يتعلق الأمر بالدفاع عن مصالح الولايات المتحدة (كما يفهمها)، فإن الاتفاقيات الدولية السابقة لم تعد تلعب أي دور. وإذا وقفت أي منظمة دولية، حتى ولو كانت قد أنشئت بمشاركة الولايات المتحدة نفسها، في طريقه، فإن الأمر سيكون أسوأ بالنسبة لها. لقد تم كسر الخط الذي اتبعته البلاد لعقود من الزمن.
ففي ظل الجمهوريين والديمقراطيين في البيت الأبيض، أثناء الحرب الباردة وبعدها، وضعت نفسها في موقع حارس للسلام، استنادا إلى نظام من المؤسسات الدولية التي كان من المفترض أن تعمل لمصلحة البشرية جمعاء، وليس لمصلحة بلد واحد فقط. وربما لم تكن الولايات المتحدة عضوا في بعضها، وربما انتقدت بعضها. لكن كان يُظن أن مثل هذا النظام صحيح من حيث الأساس، وأن أي جهة تتحداه علنا تنتهك النظام العالمي بأكمله، وبالتالي تصبح عدوة للولايات المتحدة. وأمّا الآن، وبفضل جهود ترامب، أصبحت الولايات المتحدة نفسها في دور المنتهك.
إن هذا، في جزء منه، دليل على أن المؤسسات الدولية القائمة فشلت بالفعل في التعامل مع الواقع، وفي جزء منه دليل على نسيان الدروس التاريخية المستفادة من ثلاثينيات القرن العشرين (إفلاس عصبة الأمم، التي تجاهلتها كل القوى العظمى في ذلك الوقت، وجعل الحرب العالمية الثانية حتمية، وجعل حروب الرسوم الجمركية الكساد الأعظم حتميًا)؛ وفي جزء منه يعبّر عن ترامب نفسه. ترامب، على ما يبدو، لا يعنيه كيف سيكون العالم الجديد، حيث يقرر القوي كل شيء. المهم بالنسبة إليه هو أن يصبح العالم مريحا له.
المقالة تعبر فقط عن رأي الصحيفة أو الكاتب