لقد أثار الاقتراح الأخير بإلزام الموظفين الفيدراليين بالعودة إلى المكتب بدوام كامل جدلا حول أفضل السبل لتبسيط العمليات الحكومية مع ضمان الخدمة العامة الفعالة.
لقد زعم فيفيك راماسوامي، رجل الأعمال ورئيس إدارة كفاءة الحكومة الجديدة، أن فرض الحضور إلى المكتب قد يشجع على المغادرة الطوعية بين العاملين الفيدراليين، مما قد يقلل مما يراه من عدم الكفاءة البيروقراطية. وفي مقابلة، وصف اقتراحه بأنه وسيلة لمعالجة ما وصفه بالبيروقراطية الفيدرالية المتضخمة.
وفي حين أن هذه الخطة جريئة ومزعجة، إلا أنها تشكل مخاطر كبيرة تستحق الدراسة الدقيقة من قبل الإدارة.
إن الموظفين الفيدراليين مسؤولون عن إدارة ميزانية تبلغ 6.1 تريليون دولار، مع تكاليف رواتب تصل إلى 110 مليار دولار سنويا، وهو ما يمثل 1.8% فقط من إجمالي الميزانية. ويعتقد راماسوامي أن فرض العودة إلى المكتب من شأنه أن يؤدي إلى استقالة حوالي 550 ألف موظف، وهو ما قد يوفر 27.5 مليار دولار سنويا.
ولكن هذه الأرقام لا تأخذ في الاعتبار التكاليف المرتفعة المترتبة على توظيف وتدريب البدلاء، وفقدان المعرفة المؤسسية، والتأخيرات التشغيلية التي قد تنتج عن هجرة جماعية مفاجئة للموظفين المهرة.
وغالبا ما تتطلب الوظائف الفيدرالية خبرة متخصصة، وهذا يعني أن إعادة بناء القوى العاملة بشكل فعال قد يستغرق سنوات، مما يؤدي إلى تأخير الخدمات الحيوية بشكل أكبر.
إن الرئيس المنتخب ترامب، وهو مناصر لفكرة الحدّ من انعدام الكفاءة وتعزيز المساءلة داخل الحكومة، في وضع فريد من نوعه لتشكيل هذه المناقشة. وبينما يتم النظر في توصيات راماسوامي يجب الأخذ بعين الاعتبار أن أي إجراءات يتم اتخاذها تعزز قدرة الحكومة على خدمة الجمهور بشكل فعال بدلا من أن تضعفها. حيث أن سوء تنفيذ الخطة من شأنه أن يؤدي إلى نقص المهارات وانقطاع الخدمة وانعدام الكفاءة مما يؤدي في النهاية إلى إهدار أموال دافعي الضرائب.
إن رؤية راماسوامي تثير أيضا تساؤلات حول قيمة العمل عن بُعد، والذي أثبت فعاليته في القطاع الفيدرالي. فأثناء جائحة كوفيد-19، مكّن العمل عن بُعد الوكالات الفيدرالية من الحفاظ على الإنتاجية مع تقليل التكاليف المرتبطة بمساحات المكاتب المادية.
وقد وثق مكتب الإدارة والميزانية أن ترتيبات العمل المرنة تعمل غالبا على تعزيز الكفاءة التشغيلية، وخاصة بالنسبة للأدوار التي لا تتطلب الحضور الشخصي. ومن شأن فرض العودة إلى المكتب على نطاق واسع أن يعكس هذه المكاسب ويتطلب إعادة استثمارات كبيرة في البنية الأساسية للمكاتب، مثل المرافق والصيانة والأمن، مما قد ينفي المدخرات المقصودة.
إن الهدف الأوسع المتمثل في الحد من البيروقراطية هو هدف صالح ومهم. وقد ربط راماسوامي اقتراحه بالإصلاح التنظيمي، بحجة أن الحد من قوة العمل قد يؤدي إلى التراجع عن اللوائح التنظيمية غير الضرورية.
وفي حين أن تبسيط التنظيمات قد يفيد الاقتصاد، فإنه لابد أن يتم بعناية لتجنب العواقب غير المقصودة. فالموظفون الفيدراليون ليسوا مجرد بيروقراطيين؛ بل إنهم ينفذون السياسات التي يقرها الكونغرس ويديرون البرامج التي يعتمد عليها ملايين الأمريكيين، من الضمان الاجتماعي إلى الإغاثة من الكوارث. والواقع أن التخفيضات التبسيطية تخاطر بتقويض هذه الخدمات الأساسية، وخلق المزيد من المشاكل بدلا من حلها.
لقد أظهر ترامب قدرة كبيرة على تحدي الوضع الراهن، ولكن هذه فرصة للجمع بين الأفكار الجريئة والقيادة العملية. ومن خلال التركيز على الإصلاحات المستهدفة، مثل تحديث الأنظمة القديمة، والاستفادة من التكنولوجيا، وتحديد أوجه القصور المحددة، يمكن للإدارة تحقيق تخفيضات كبيرة في التكاليف دون تعريض الوظائف الأساسية للخطر.
بالإضافة إلى ذلك، فإن توسيع نطاق استخدام العمل عن بعد حيثما كان ذلك مناسبا يمكن أن يساعد في جذب أفضل المواهب، وتقليل النفقات العامة وتحسين الروح المعنوية بين الموظفين الفيدراليين.
إن اتباع نهج أكثر ملاءمة من شأنه أن يخفف من التأثيرات المحتملة على الصناعات التي تعتمد على الرقابة الفيدرالية. كما يمكن أن تؤدي التخفيضات المفاجئة في القوى العاملة إلى تأخيرات في التصاريح والتفتيشات والعمليات التنظيمية، مما يفرض تكاليف على الشركات وحكومات الولايات. ويمكن أن تلحق هذه الاضطرابات في نهاية المطاف الضرر بدافعي الضرائب الذين تهدف السياسة إلى حمايتهم.
إن هذه اللحظة تمثل فرصة للإدارة لتعزيز التزامها بالمسؤولية المالية والحوكمة الفعّالة. ومن خلال التقييم الدقيق لتداعيات اقتراح راماسوامي والنظر في استراتيجيات بديلة، يستطيع ترامب أن يضمن أن تكون الجهود الرامية إلى تبسيط العمليات الحكومية فعّالة ومستدامة.
إن القيادة المدروسة قادرة على إيجاد التوازن بين الحد من البيروقراطية والحفاظ على القدرة على تلبية احتياجات الأمة، ووضع نموذج لكيفية معالجة التحديات الطويلة الأمد داخل الحكومة الفيدرالية.
المصدر: فوكس نيوز
المقالة تعبر فقط عن رأي الصحيفة أو الكاتب