وفي رده على سؤال من الزميل سلام مسافر ببرنامج “قصارى القول” على قناة RT حول لقاء ثلاثي بين الرؤساء نبيه بري ونجيب ميقاتي وزعيم الطائفة الدرزية، الرئيس السابق للحزب التقدمي الاشتراكي، وليد جنبلاط، أوضح رئيس الوزراء اللبناني السابق الذي أدار أزمة حرب 2006 إدارة أثارت الإعجاب وأثارت جدلا كبيرا أيضا في الداخل اللبناني، قائلا: “لا أعتقد أن هذا الاجتماع قد حقق الهدف المنشود، كما علمت. وبالتالي، كان هناك رغبة من الزعيم في الاجتماع بالرئيس بري وكذلك في الاجتماع بالرئيس ميقاتي. لذلك، ارتأى الرئيس ميقاتي أن يجتمع الجميع عند الرئيس بري. وعليه، أرجو ألا يتم استخلاص أي استنتاجات من هذا الموضوع”.
إقرأ المزيد
وأضاف: “لا يمكننا في لبنان أن نقبل بصيغة لبنان التي لا تحتمل على الإطلاق تهميش أو تغييب أي طرف، ولا أن يخرج أحد مغلوبا والآخر غالبا. هذه هي صيغة لبنان المبنية على العيش المشترك، وهي الصيغة التي نشعر بأهميتها الآن كنموذج ينبغي احتذاؤه ليس فقط في العالم العربي، بل في جميع أنحاء العالم. ونعلم أن هذا الأمر، إن شاء الله، سيستمر”.
ولفت إلى أنه “لا شك أن هناك أمرا كبيرا وهاما يتعين علينا القيام به، وبالتالي يمكن أن يصبح ذلك ممكنا بإرادة اللبنانيين. ليس أدل على ذلك من أن قوة لبنان في الحقيقة ليست كما كانوا يقولون في الماضي، حيث كان يُنظر إلى قوته في ضعفه أو مقاومته. إن قوة لبنان تكمن في وحدة أبنائه وإيلائهم الأهمية القصوى لمصلحة لبنان واللبنانيين، وليس لمصلحة أي فريق أو طرف أو دولة أخرى. هذه هي قوة لبنان، وعندما يقتنع اللبنانيون بأن هذا العمل يتطلب تضافر جهودهم، بإذن الله سيتجندون له، وستجد أن هناك أعدادا كبيرة من الدعم التي يمكن أن تأتي من أشقائنا ومن المجتمع الدولي، المهم أن يكون لدينا رأي هام وأساسي، يتمثل في خدمة لبنان ومصلحة لبنان واللبنانيين في هذا السياق الذي تتحدثون عنه. هناك تأكيد على أن انتخاب رئيس الجمهورية سيتم بعد وقف إطلاق النار.
وأكد أنه “يجب أن يتم انتخاب رئيس الجمهورية ولا ينبغي أن يربط انتخاب الرئيس برأي من هنا أو قرار من هناك. يجب أن تكون الأولوية الآن في انتخاب رئيس الجمهورية، وذلك من أجل أن يستعيد لبنان مؤسساته الدستورية. وكي نستعيد ثقة اللبنانيين بمستقبل لبنان، يجب أن نبدأ بانتخاب رئيس للجمهورية، ولا داعي لربط هذا العمل بأي شرط آخر. ينبغي علينا العودة إلى احترام الدستور، الذي ينص على أنه يجري فتح مجلس النواب، وبالتالي تبدأ العملية الانتخابية. وعلى النواب في المجلس النيابي أن يتولوا عملية التشاور فيما بينهم، فهذا حقهم وواجب عليهم أيضا. لذلك، لا ينبغي أن نشترط ذلك أو نضيع الوقت”.
وأشار إلى أن “الوضع اللبناني تدحرج منذ سنتين وحتى الآن. فيما ينبغي التوقف عن هذه الأعذار والمبادرة فورا، دون تعليق عملية الانتخاب بأي أمر”.
وفي رده على سؤال حول تعقد الأمور في غياب حسن نصر الله، أوضح: “أول شيء، من الطبيعي أن نعبر عن أسفنا لاغتيال سماحة السيد حسن نصر الله. وبالتالي، ينبغي علينا دائما، سواء كمسؤولين أو كمواطنين، أن نسعى لفتح نافذة من الأمل. كما أن المسؤول يحاول دائما تحويل المشكلة إلى فرصة، فنحن نمر بأزمة خطيرة جدا. وبالتالي، يجب علينا ألا نستسلم لهذه التحديات. بل ينبغي علينا تحويلها إلى فرصة نستطيع من خلالها النهوض بلبنان وإخراجه من هذه الأزمة الخطيرة التي تعصف به. لذا، يتوجب الآن توجيه الجهود نحو توحيد الموقف، من خلال إجراء الانتخابات والتشاور داخل قاعة مجلس النواب بين النواب أنفسهم بالطريقة التي تعارفنا عليها على مدى الثمانين سنة الماضية من عمر لبنان”.
وبخصوص رأيه حول الرئيس الأكثر قدرة الآن على توحيد لبنان، قال: “الرئيس الذي تتمنون أن يكون في سدة الحكم قريبا هو الشخص الذي يتمكن من جمع اللبنانيين. وأود أن أقول لك إن الدستور ينص على أن الرئيس هو رئيس الدولة ورمز وحدة الوطن. وهذا يعني أنه، على عكس ما جرى من ممارسات خلال السنوات الماضية، ينبغي أن يمثل الرئيس جميع فئات الشعب اللبناني وليس فقط أكبر فريق مسيحي في لبنان.. يجب أن تكون هذه الحكومة ديمقراطية وتضم جميع المكونات، شريطة أن تكون هناك أقلية غير مهمشة، حتى يستقيم العمل الديمقراطي وتتحقق عملية المحاسبة والمساءلة للحكومة. ينبغي علينا استخلاص الدروس والعبر من الممارسات الخاطئة التي ارتكبت خلال السنوات العشر أو الخمسة عشر الماضية. وبالتالي، يجب أن نعود إلى احترام الدستور. يجب على رئيس الجمهورية أن يكون قادراً على فهم الأمور واستيعابها، وأن يتمتع بالقدرة القيادية، إذ إنه ليس رئيس السلطة التنفيذية، فالحكومة هي السلطة التنفيذية. ورئيس كل السلطات، وليس مجرد رئيس لفريق من اللبنانيين. هذه هي الصفات التي ينبغي أن يتمتع بها الرئيس، وأن يكون لديه القدرة على بث الثقة في نفوس اللبنانيين والمجتمعين العربي والدولي، وذلك على أساس أنه الشخص الذي يحترم الدستور وهو الحامل له. هذه هي الصفات الأساسية للرئيس”.
وأردف: “استنادا إلى الخبرات التي اكتسبتها على مدى أكثر من ثلاثين عاما في العمل العام، أرى أن هناك حاجة ملحة لانتخاب رئيس جمهورية. يجب أن يكون هذا الرجل قادرا على كسب ثقة المجلس النيابي وثقة اللبنانيين، وأن يتمتع بكفاءة عالية، بمعنى أنه لا ينبغي أن يكون شخصاً يأتي من العدم دون أي خبرة سابقة أو ممارسة لأي عمل يمثل ما يُعرف بالعمل القيادي”.
وفي رده عما يقال حول مسؤولية “حزب الله” في الوضع الذي وصل إليه لبنان الآن، أكد: “ليس الوقت الآن للتلاوم على الإطلاق، ولكنني أود أن أقول إن الحزب خلال السنوات الماضية قد تحول من عمله كمقاومة، التي كانت تعتبر كوماندوس، إلى هيئة تشبه الجيش. وكأنه قد أصبح جيشا إلى جانب الجيش اللبناني، لكنه يمتلك قوة نارية أفضل بكثير. ومع ذلك، عندما تحول إلى جيش، وبالتالي، فإنه يتعين عليه أن يتصدى للجيش الإسرائيلي الذي يتفوق على قوة حزب الله من حيث القوة النارية، وأيضا القوة الجوية، والقوة التكنولوجية، والقوة الاستخباراتية. بالإضافة إلى ذلك، فإن إسرائيل تتمتع بالدعم اللامحدود من القوى الأساسية في العالم، مما منحها شيكا على بياض لممارسة القتل والتدمير في لبنان، كما فعلت في غزة.. على أي حال، أعتقد أن التجربة التي شهدناها قبل يومين، والتي شاهدناها أيضا البارحة في أداء حزب الله، تُظهر أن الحزب عندما عمل ككوماندوس، قد حقق إنجازا. يجب علينا أن نستخلص العبر من هذا الأمر، وبالتالي فإن جميع الأقاويل التي كانت تقال عن أن حزب الله هو الذي سيمثل الردع في لبنان، وهو الذي يمثل قوة لبنان، وما إلى ذلك من الأمور، تصبح أكثر وضوحا”.
وأضاف: “يجب أن نستخلص العبر، وبالتالي، بدون أي تلاوم، يجب أن نتصارح مع بعضنا البعض بشجاعة ورغبة في الاتفاق والتوصل إلى حلول من أجل إنقاذ لبنان. لم يعد الوقت الآن مسموحا لنا بأن نضيعه بينما يشرف وطننا على الغرق والهلاك.
وفي رده على سؤال استطاعة رئيس حكومة تصريف الأعمال، ميقاتي، أن يعلن من جانب واحد وقف إطلاق النار؟ وما هي الشروط التي ينبغي أن تتوفر داخليا لمثل هذا الإعلان في ضوء المكاسب التي تتحقق؟، قال أنه “في الميدان الآن؟ الأمر يجب أن يتولاه، يعني في اعتقادي الآن. كما أقول إن في لبنان حاليا أدوارا تبحث عن أبطال، وأنا أعني ما أقول في هذا الظرف الصعب الذي يعيشه لبنان. وهنا لا بد لي من الإشارة إلى وجود بطلين ينبغي أن ينبريا من أجل تحمل هذه المسؤولية، وهما رئيس المجلس النيابي باعتباره رئيساً للمجلس النيابي”.
وأردف: “رئيس حكومة تصريف الأعمال عليه أن يقوم بدوره من أجل تعزيز الوحدة الوطنية بين اللبنانيين، فهي السلاح الأمضى والأساسي للحفاظ على لبنان ووحدة أبنائه. يجب علينا أن نعزل صراعاتنا اللبنانية وأن نعمل جاهدين لجمعهم نحو هدف واحد وهو إنقاذ لبنان في الوقت الراهن. كما ينبغي توضيح الصورة بشكل جلي، حيث لم يعد جائزا ربط عملية انتخاب رئيس الجمهورية بساحات أخرى. وإن هناك أشخاصا آخرين ودولا أخرى تقوم بالتقرير بشأنها، يتعين علينا أن نعود إلى لبنان وأن يكون القرار لبنانيا من أجل إنقاذ لبنان، وعلينا المسارعة إلى ذلك من خلال عدم ربط لبنان بساحة غزة”.
وأكد: “مطالبة بيروت بوقف فوري لإطلاق النار عبر مجلس الأمن، وذلك استنادا إلى أن لبنان سوف يعود إلى الاحترام الكامل للتطبيق والتنفيذ الكامل للقرار 1901، وهو القرار الذي صدر خلال الحكومة الأولى في عام 2006”.
وأضاف: “الوضع العربي لم يكن متهالكا كما هو عليه الآن. كما أن الوضع الدولي كان يشهد قدرا من التوافق. أما الآن، فنشهد انقساما واسعا وحربا باردة جديدة. والوضع العربي كما ذكرنا يعاني من التهالك، حيث توجد تشظيات وانقسامات واضحة.. انظر، لعلك تدرك أن أهم ما في هذا الموضوع هو أن يكون المسؤولون الذين سيتولون المسؤولية في لبنان محل ثقة واحترام وإعجاب من قبل الناس. وبالتالي، القوة الأساسية للبنان تكمن في اختياره، واختيار المجلس النيابي لأشخاص يتمتعون بالكفاءة والنزاهة.. الجديرون والكفؤون والنزهاء والقياديون، الذين يستطيعون تولي إدارة الأمور بشكل كفء وفعال، نعم، نستطيع دائما أن نكسب ثقة الناس في البداية، وأن نكسب ثقة الأصدقاء والأشقاء. لأقول لك شيئا، يا أخي، أنه خلال هذه الفترة الماضية، ضيع لبنان الكثير، إذ لم يقم بصيانة العلاقات الودية والصحيحة بين لبنان وأشقائه العرب”.
وحول دور وموقع وموقف سعد الحريري، قال: “لقد ناديت وعملت على مدى سنوات طويلة، على الأقل منذ عام 2011، على تأسيس ما يسمى “نادي رؤساء الحكومة السابقين”. هذا النادي يتألف من سعد الحريري ونجيب ميقاتي وتمام سلام ومني. وفي غياب سعد الحريري، لأنه موجود في الخارج، نتواصل دوريا بيننا، نجيب ميقاتي وتمام سلام وأنا. وبالتالي، نتداول في هذا الشأن، ومن الطبيعي أن تكون هناك حاجة لوجود ناد من حكماء لبنان. يجب أن يتجاوز هذا النادي المجموعة الطبيعية لرؤساء الحكومة السابقين طوال السنة. ولكنني دائما أتمنى وأرغب وأسعى من أجل أن يكون هناك ناد يضم حكماء اللبنانيين، لأن هناك العديد من الحكماء في لبنان. وبالتالي، من كافة الأطياف والطوائف والمذاهب، يمكنهم بالتالي أن يمارسوا دورا فيما يعرف بتصويب البوصلة الوطنية. وذلك بسبب ما يمتلكونه من خبرات ورفعة ونزاهة وعدم مصالح شخصية، فهم غير متحيزين. وهنا تكمن أهمية الحكيم في قيامه بذلك. إن شاء الله ستتم هذه العملية، علما أننا اجتمعنا عدة مرات كرؤساء جمهوريات ورؤساء مجالس وزراعية”.
وبخصوص تقييم الموقف الروسي، ووصول طائرة تحمل مساعدات إنسانية إلى لبنان، أكد أنه “بدون شك، العلاقة بين لبنان وروسيا هي علاقة عامة، حيث تعتبر العلاقات مع روسيا علاقة قديمة تمتد على مدى عقود من الزمن. ودائما ما نذكر بالخير الفترات التي وقف فيها الاتحاد السوفيتي آنذاك لدعم لبنان. إن الرئيس بوتين يبعث من خلال ذلك إشارة على الدعم الذي يكنه للشعب اللبناني. ويهدف هذا الدعم إلى تمكين لبنان من تخطي الأزمة الخطيرة التي يعاني منها حتى الآن”.
وقال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق: “بدون أدنى شك، هناك أمر ما، لأن كل ما نشاهده الآن من مشكلات في لبنان هو نتيجة للتحديات الكبيرة التي تواجه البلاد، عمليا، تعد جميعها مظاهر لمشكلة أساسية يعاني منها المجتمع الدولي حتى الآن، حيث يجد الغرب بشكل عام صعوبة في الوصول إلى نقطة تؤدي إلى إيجاد حل حقيقي للمشكلة في الشرق الأوسط. إن القضية الفلسطينية تعتبر أم القضايا في المنطقة. وبالتالي، فإن جميع القرارات الدولية التي صدرت قد تم تجاهلها وتهميشها أمام أعين المجتمع الدولي على مدى عقود ماضية، وقد قام الاحتلال الإسرائيلي بتمزيقها وطمس معالمها، كما كانت بعض الدول الغربية تدعمه في هذا الشأن، أما الآن فعلى الضمير العالمي والمجتمع الدولي ومجلس الأمن الدولي أن يوقنوا بأن هناك مشكلة كبرى تعصف بهذه المنطقة. وأن هذه المشكلة تؤثر على الأمن والسلم العالمي سواء في المنطقة أو في العالم بأسره”.
وفي تعليقه على إعلان إسرائيل أمين عام الأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش شخصا غير مرغوب فيه، قال: “الهيئة العامة للأمم المتحدة تعتبر هذا كلاما خطيرا وغير مقبول، وبالتالي آن الأوان لأن نقف جميعا صفا واحدا من أجل تعزيز عودة السلام الحقيقي المبني على العدالة والحق. ولم تصدر أي ردود أفعال شاجبة من التحالف الأنجلوسكسوني في العالم”.
المصدر: RT
إقرأ المزيد
لبنان يطلب المساعدة الدبلوماسية من روسيا
قال سفير لبنان في موسكو شوقي بو نصار، إن بلاده طلبت من روسيا المساعدة الدبلوماسية في حل الصراع في الشرق الأوسط، وإن موسكو تقوم بالفعل بإجراء “اتصالات عديدة” حول العالم.
(adsbygoogle = window.adsbygoogle || []).push({});