واعتبرت “يديعوت أحرونوت” أن الوصول لاتفاق وقف إطلاق النار في غزة وتبادل الأسرى، هو “خطوة استراتيجية كبرى من جانب إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، تهدف إلى إنهاء الحرب في الشرق الأوسط، قبل بدء المرحلة الأخيرة والحاسمة من الانتخابات الرئاسية الأمريكية”.
إقرأ المزيد
وحسب الصحيفة، فإن مما لا شك فيه، هو أن إطلاق سراح الأسرى يشكل هدفا ذا أولوية قصوى لهذه الخطوة الأمريكية، ليس فقط لأن مصيرهم يمس قلبي الرئيس بايدن ونائبته كامالا هاريس (المرشحة الديمقراطية المتوقعة للرئاسة الأمريكية)، بل أيضا لأن التوصل إلى اتفاق لإطلاق سراحهم هو في نظر صناع القرار في واشنطن، المفتاح لإنهاء الحرب المتعددة المجالات في الشرق الأوسط، أي “إعادة الاستقرار إلى المنطقة” كما يطلق عليها في المصطلحات الدبلوماسية الأمريكية، ومنع حرب إقليمية شاملة لا تريدها كافة الأطراف.
وأوضح التقرير أنه “منذ شهر يوليو الماضي، بدأت الإدارة الأمريكية الاستعدادات لتحرك أصغر بكثير يركز على التوصل إلى اتفاق لإنهاء القتال في غزة وإطلاق سراح الأسرى. وحتى في ذلك الوقت، كان هدف الإدارة الديمقراطية الأمريكية هو أن تقدم للناخبين إنجازا دبلوماسيا إنسانيا مبهرا في الشرق الأوسط، يقنعهم بدعم ترشيح كامالا هاريس وتفضيلها على المرشح الجمهوري دونالد ترامب. وكان الهدف الآخر هو تركيز الوقت المتبقي حتى الانتخابات على مساعدة أوكرانيا، لكن ما بدأ كمبادرة أخرى لصفقة إطلاق سراح الرهائن، توسع إلى أبعاد فرصة استراتيجية إقليمية في 31 يوليو، عندما اغتالت إسرائيل القائم بأعمال رئيس أركان “حزب الله”، فؤاد شكر، في بيروت، وبعد ساعات قليلة، قُتل رئيس المكتب السياسي لحركة “حماس” إسماعيل هنية، في طهران، ولم تعلن أي جهة مسؤوليتها عن اغتيال هنية، لكن الإيرانيين قالوا إنها إسرائيل، ولم يطعن أحد في هذا التصريح.
وفق تقرير “يديعوت أحرونوت”، “غضبت واشنطن من عملية الاغتيال، بل إن بايدن عبر علنا عن استيائه، ويرجع ذلك أساسا إلى الخوف من أن تؤدي عمليتا الاغتيال إلى رد فعل انتقامي من قبل إيران وحزب الله ورد فعل إسرائيلي على رد الفعل الانتقامي، وتكون النتيجة تبادل ضربات من شبه المؤكد أنها ستتطور إلى حرب شاملة في المنطقة يشارك فيها جميع حلفاء إيران وتنجر إليها الولايات المتحدة، الأمر الذي قد يتحول إلى “كارثة انتخابية” للإدارة الديمقراطية التي دخلت المرحلة الأخيرة من حملة الانتخابات الرئاسية”.
إقرأ المزيد
ولكن “ربما كان هناك شخص ما في واشنطن توصل إلى استنتاج مفاده أن هذا “الليمون الخطير” يمكن تحويله إلى “عصير ليمون مهدئ”، ستحقق الولايات المتحدة من خلاله جميع أهدافها. وكذلك إطلاق سراح الرهائن، ووقف القتال في غزة وبدء جهد إنساني هائل لسكان قطاع غزة، وأيضا – ربما بشكل رئيسي – منع نشوب حرب إقليمية وتحقيق تسوية دبلوماسية لحرب الاستنزاف بين “حزب الله” وإسرائيل”، حسب التقرير.
وأضاف التقرير: “إن التدقيق بعناية في الأحداث يظهر أن الأمريكيين أدركوا أن مثل هذا الهدف الطموح يتطلب أدوات ضغط وقنوات تعبير جديدة، لم يستخدموها حتى الآن، من أجل الوصول إلى النتيجة المرجوة. كما يمكن أن نرى بوضوح أن إدارة بايدن ترى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ورئيس المكتب السياسي الجديد لـ”حماس” يحيى السنوار هما العقبتان الرئيسيتان في طريق التوصل إلى اتفاق، وأن الحرس الثوري والمرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي هما العقبة الرئيسية أمام منع نشوب حرب إقليمية، حيث أنه يفترض في واشنطن، وفي إسرائيل أيضا، أن أمين عام “حزب الله” اللبناني حسن نصر الله يتمتع باستقلالية ومكانة خاصة بين حلفاء إيران، ولكن في النهاية عليه أن يطيع أمرا واضحا يأتي من طهران – حتى لو لم يعجبه”، على حد تعبير الصحيفة.
وأشارت “يديعوت أحرونوت” إلى أن “المشكلة الأساسية من وجهة نظر واشنطن هي أنها لا تملك القدرة على التحدث مع السنوار، وبالتأكيد على ممارسة ضغوط مباشرة عليه أو تقديم إغراءات بعيدة المدى له، ولم يكن أمام إدارة بايدن خيار سوى ترك هذه المهمة للقطريين، الذين شاركوا هذه المرة في المهمة بدافع أكبر بكثير مما كان عليه في الآونة الأخيرة”، متابعة: “لا نعرف ما الذي وعد به الأمريكيون قطر وما هي الضغوط التي مارستها قطر على السنوار، لكن يمكن افتراض أن الأمر يتعلق بما سيحدث في اليوم التالي للحرب، وحماس بشكل عام والسنوار بشكل خاص (إذا نجا) ستحتاجان إليه من أجل البقاء”.
ووفقا للصحيفة، “من الواضح تماما أن قطر قامت بتحركات لم تقم بها من قبل، وهذا هو السبب الرئيسي لرياح التفاؤل التي تهب في نهاية هذا الأسبوع من جهة المفاوضين في الدوحة. وبالإضافة إلى قطر، مارست الولايات المتحدة ضغوطا وإغراءات جدية على مصر، لا سيما لكي يتسنى في محادثات الدوحة إيجاد حل لمشكلة محور فيلادلفيا ومعبر رفح يكون مقبولا لجميع الأطراف، أما نتنياهو، فإن إدارة بايدن تتفهم تماما الوضع الذي نشأ في إسرائيل حيث يقع رئيس الوزراء بين مطرقة التهديد بحل الحكومة من قبل وزير المالية بتسلئيل سموتريتش ووزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، وسندان المؤسسة الأمنية وأغلبية الرأي العام في إسرائيل، حيث يريدون صفقة رهائن ويدركون أنه إذا لم يكن هناك مثل هذه الصفقة، سيبقى في فترة ليست بطويلة عدد قليل جدا من الرهائن على قيد الحياة يمكن إطلاق سراحهم، فيما تشمل منظومة الضغوط والإغراءات التي مورست على نتنياهو مقابلات مع وسائل إعلام إسرائيلية أجرتها شخصيات أمريكية حتى قبل مغادرة الوفد إلى الدوحة، ومحادثات شخصية بين نتنياهو وبايدن، كان بعضها على الأقل غير سار البتة، ناهيك عن التصريحات المجهولة لكبار المسؤولين الحكوميين والتي تسربت إلى الصحافة في الولايات المتحدة، وبموجبها ليس لدى إسرائيل أي شيء آخر لتحقيقه عسكريا في قطاع غزة، وأن رئيس الوزراء إذا لم يتنازل عن مطالبه، فسوف تخسر هذه المطالب شرعيتها الضئيلة على الساحة الدولية”.
وتابع التقرير: “وحتى فيما يتعلق بإغراء نتنياهو وإسرائيل، فإن الولايات المتحدة لم تدخر أي وسيلة، أولا، في الأيام العشرة الأخيرة، إذ فُتحت فجأة جميع “الأختام” التي كانت موجودة على الشحنات والموافقات على المساعدات العسكرية الأمريكية لإسرائيل، وبدأت طائرات نقل ضخمة تهبط بمعدل طائرتين يوميا في مطار “النبطيم”، إضافة إلى السفن التي تشق طريقها أو الراسية بالفعل عند شواطئ إسرائيل. بالإضافة إلى ذلك، ستعمل الولايات المتحدة على تعزيز قواتها البحرية والجوية المنتشرة في الشرق الأوسط، بطريقة تسمح ليس فقط بإحباط الانتقام الإيراني، بل ستتيح أيضا للقوات المسلحة الأمريكية مهاجمة حلفاء إيران على الأقل في حال تطور حرب إقليمية، وبشكل أساسي لحماية الجنود والمواطنين الأمريكيين، الذين يتواجد عشرات الآلاف منهم في جميع أنحاء الشرق الأوسط”.
و”تهدف هذه القوة، وهي أكبر بكثير مما نشرته الولايات المتحدة في المنطقة قبل الضربات الصاروخية والطائرات بدون طيار الإيرانية في أبريل الماضي، إلى خدمة غرض مزدوج يتضمن ردع إيران عن توجيه ضربة تجبر إسرائيل على توجيه ضربة انتقامية مؤلمة إليها قد تطلق حربا إقليمية، وربما تقنع إيران بعدم توجيه الضربة على الإطلاق أو تأجيلها إلى أجل غير مسمى، وإن إرسال قوة العمل الضخمة هذه إلى الشرق الأوسط المقصود منه، كما ذكر في التقرير، إقناع نتنياهو بأنه يستطيع أن يثق بالولايات المتحدة ويظهر قدرا أكبر من المرونة في المفاوضات، يستهدف في الأساس مسامع الرئيس الإيراني الجديد مسعود بزشكيان وأنصاره، حيث إن الوضع الاقتصادي في إيران اليوم مزرٍ، وقد فاز بزشكيان في الانتخابات بعد أن وعد بإنقاذ إيران من الحفرة الاقتصادية والعزلة الدولية التي تعيشها، وربما لم يكن بزشكيان في حاجة إلى القوة البحرية والجوية الهائلة تحت قيادة القيادة المركزية الأمريكية ، التي تمركزت ضد إيران في نوع من شبه قوس يبدأ في مضيق هرمز، ويمتد إلى البحر الأحمر وينتهي في البحر الأبيض المتوسط. لكن التهديد العسكري الأمريكي، والطبيعة الهجومية لفرقة العمل الإقليمية التابعة لها، والتهديد الصريح بفرض عقوبات اقتصادية، ذاك الذي ربطه الرئيس بايدن بتهديد عسكري ملموس للغاية، كل هذا ساعد بزشكيان على الإقناع بعدم التسرع في ضربة الانتقام”، حسب ما ورد في تقرير “يديعوت أحرونوت”.
إلا أن “الجهود الأمريكية ضد إيران لم تنته عند هذا الحد، بل نشطت إدارة بايدن همة كافة حلفاء الولايات المتحدة للضغط على إيران ونصر الله في لبنان لتأجيل الضربة الانتقامية إلى ما بعد ظهور نتائج المفاوضات بين إسرائيل وحماس، وفي هذا الصدد، يستغل الأمريكيون بذكاء شديد مصلحة إيران وحزب الله في عدم الوصول إلى حرب شاملة في الشرق الأوسط، والأمر الآخر هو أن إيران، مثلها مثل الأمريكيين والإسرائيليين، تدرك جيدا الآن حقيقة أن السنوار وسكان غزة يطالبون بوقف إطلاق النار، كما تدرك أن الضغط العسكري الذي تزيده إسرائيل عمدا في قطاع غزة أصبح الآن متعمدا أكثر، مما يجعل الوضع أكثر مدعاة لليأس كل يوم”، حسب الصحيفة.
إقرأ المزيد
انتظار إيران وحزب الله وتأجيل الرد والخلافات (وفق تقرير يديعوت أحرونوت وتعبيرها):
« لدى كل من طهران ونصر الله اليوم مصلحة واضحة في وقف إطلاق النار الذي سيسمح لهما بتجنب حرب إقليمية لا يريدها لبنان وإيران، وتسمح لـ”حماس” بالبقاء على قيد الحياة لمواصلة حملتها ضد إسرائيل. وقررت إدارة بايدن الاستفادة من شبكة المصالح هذه وجعل حتى إيران شريكا في جهود التوصل إلى اتفاق، وهو ما لم يكن ليحدث حتى الآن.. الشخص الذي تم إرساله لحشد حسن نية خامنئي هو رئيس وزراء قطر محمد آل ثاني، الذي أطلع نظيره الرئيس الإيراني بزشكيان على سير المحادثات عدة مرات في الأسبوع الماضي – بهدف واضح هو إيصال الرسالة إلى خامنئي وجعله في الواقع شريكا صامتا ونشطا في المحادثات الرامية إلى إنهاء الحرب في غزة ومنع نشوب حرب إقليمية في الشرق الأوسط.
لدى إيران طرقها الخاصة في توضيح ما تريده لوفد حماس والسنوار، بحيث أن هناك بالفعل هدفا واحدا على الأقل في المفاوضات الحالية، الجارية ظاهريا لإطلاق سراح الرهائن وإنهاء القتال في غزة، .. هو الشريك الخفي إيران، وفي الحقيقة حزب الله أيضا. وللإشارة، فإن كليهما أبلغا الأمريكيين، بحسب المعلومات الواردة من واشنطن، بأنهما يؤجلان توجيه ضربة انتقامية لإسرائيل حتى يتبين ما إذا كانت هناك صفقة أم أن فرص التوصل إليها قد ضاعت.
وفي هذا السياق، من المهم الإشارة إلى أن إيران وحزب الله لا يقدمان “خدمة” حقيقية للأمريكيين والقطريين. ويمكن افتراض احتمال كبير جدا أن يريد نصر الله ردا انتقاميا متكاملا ومنسقا، وربما حتى في وقت واحد، من قبل إيران وحزب الله معا، لأن حزب الله يريد أن يضطر الجيش الإسرائيلي إلى تقسيم الضربة الانتقامية للاشتباك الانتقامي بين إيران وحزب الله، فلن يضطر لبنان و”حزب الله” إلى استيعاب القوة الكاملة لما يمكن أن يهبط به جيش الدفاع الإسرائيلي عليهما، في الجو، وعلى الأرض، وفي البحر، إذ إن الجيش الإسرائيلي سيضطر، على الأقل في الجو، إلى تقسيم وتشتيت جهوده، وهذا مهم جدا بالنسبة لنصر الله.
كما أن الإيرانيين غير مهتمين أيضا بتوجيه الضربة إلى إسرائيل أولا، على ما يبدو. لأسباب مماثلة، وربما يتركون لأنفسهم حرية الاختيار لتجنب “الرد الصاروخي والطائرات بدون طيار”، وتحقيق ما يريدون من خلال الإضرار بالمصالح الإسرائيلية في الخارج أو بطرق أخرى. وفي كل الأحوال، إيران ليست ملزمة بالانتقام لاغتيال هنية مثلما يعتبر نصر الله نفسه ملزما بالانتقام لدماء فؤاد شكر. ويمكن افتراض أن التسوية بين “حزب الله” وإيران ستكون بمثابة ضربات ستأتي في الترتيب، أولا حزب الله ثم إيران، وسيكون ردها مشابها إلى حد بعيد لما فعلته في أبريل الماضي.
هذا الترتيب الأمريكي، الهادف إلى إعادة المختطفين والاستقرار إلى الشرق الأوسط ومنع نشوب حرب إقليمية، لا يزال بعيدا عن الانتهاء.
وسيجري وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن محادثة “شخصية وملحة” مع نتنياهو، ربما يوم الأحد أو يوم الاثنين. والهدف هو إقناع رئيس الوزراء الإسرائيلي بالتحلي بالمرونة والمجازفة السياسية من أجل الهدف الأكبر. ومن المحتمل أن يوضح بلينكن لنتنياهو أن الخطوة الأمريكية الكبيرة، التي قد تنهي أيضا الصراع في الشمال مع حزب الله، هي مصلحة حيوية لدولة إسرائيل تماما كما هي مصلحة حيوية لإدارة بايدن-هاريس.المفاوضات بشأن صفقة المختطفين وإنهاء القتال الذي لن يشتد أو لن يتراجع عنه، ستستمر خلال الأسبوع المقبل وربما بعده. لكن يبدو الآن أن التحرك الاستراتيجي الأمريكي، الذي يحشد مصالح جميع الأطراف وكل أدوات الضغط والإغراءات الممكنة، لديه فرصة جيدة للنجاح».
هذا واتهم القيادي البارز في حركة “حماس” سامي أبو زهري الإدارة الأمريكية بمحاولة خلق “أجواء إيجابية كاذبة” بشأن إمكانية التوصل إلى صفقة تبادل أسرى بعد اليوم الثاني لقمة الدوحة.
وأصدرت قطر ومصر والولايات المتحدة يوم الجمعة، بيانا بشأن قمة الدوحة الرامية إلى سد فجوات المفاوضات بين حركة “حماس” وإسرائيل للوصول إلى اتفاق وقف إطلاق النار بغزة وتبادل الأسرى.
وأشار البيان إلى أن “الطريق أصبح الآن ممهدا لتحقيق هذه النتيجة، وإنقاذ الأرواح، وتقديم الإغاثة لشعب غزة، وتهدئة التوترات الإقليمية”.
وتم يوم الخميس استئناف المحادثات الرامية إلى التوصل لوقف إطلاق النار وتحرير الأسرى والمحتجزين بقطاع غزة في العاصمة القطرية الدوحة.
وعقدت الجولة الجديدة من المحادثات بحضور رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي ديفيد بارنياع ونظيريه من الولايات المتحدة ومصر، بيل بيرنز وعباس كامل، ورئيس الوزراء وزير الخارجية القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني.
المصدر: “يديعوت أحرونوت” + RT
إقرأ المزيد
(adsbygoogle = window.adsbygoogle || []).push({});