معضلات سياسية خارجية، بالإضافة إلى أزمة مالية متوقعة، يمكن أن تؤدي لعدم الاستقرار في مصر. فماذا يترتب على الولايات المتحدة؟ راسل بيرمان – ناشيونال إنترست
إن الاستقرار في الشرق الأوسط أمر حيوي للمصالح الأمريكية. والاعتراف بالتحديات التي تواجه الاستقرار في مصر، التي يبلغ عدد سكانها 109 ملايين نسمة، أمر مهم للسياسة الخارجية الأمريكية، نظرا لدورمصر الحيوي في استقرار المنطقة وعلاقاتها الأمنية مع الولايات المتحدة وإسرائيل.
وجدت مصر نفسها في دائرة الضوء العالمية في الأشهر القليلة الماضية بسبب الحرب المستمرة في غزة. وبينما تواصل إسرائيل حملتها ضد حماس، يمكن النظر إلى التطورات على طول حدود سيناء بالقرب من رفح على أنها انتهاك للسيادة المصرية مع عواقب سياسية في القاهرة.
وفي الوقت نفسه، هناك صراع آخر يختمر في الجنوب. ففي الوقت الذي تواجه فيه مصر ندرة متزايدة في المياه بسبب سد النهضة الإثيوبي الكبير الجديد، تتزايد التوترات مع إثيوبيا بعد أن وصلت المفاوضات إلى “طريق مسدود” في ديسمبر. وامتد هذا الصراع إلى الكونجرس الأمريكي بعد أن بدا أن النائبة إلهان عمر (ديمقراطية من ولاية مينيسوتا) تعهدت بدعم مطالب الحكومة الصومالية.
وبالإضافة إلى هذه الصراعات الدولية المحتملة في غزة ومع إثيوبيا، هناك تهديد أكثر خطورة للاستقرار الاقتصادي. حيث كان لهجمات الحوثيين على التجارة البحرية الدولية التي تمر عبر مضيق باب المندب تأثير هائل على سلاسل التوريد العالمية.و كان هناك انخفاض بنسبة 30% في حجم سفن الحاويات العالمية التي تمر عبر قناة السويس، وفقًا لصندوق النقد الدولي، وأوقفت شركات الشحن الكبرى مثل ميرسك مساراتها عبر القناة إلى أجل غير مسمى. وعلى الرغم من أن تأثير الحوثيين على التجارة العالمية واضح، إلا أن الألم أكثر حدة بالنسبة لإيرادات القناة المصرية.
ويبلغ الدين الخارجي لمصر نحو 164.5 مليار دولار. ويعني العجز التجاري للبلاد أن مصر متعطشة للدولار، بحيث لم تعد الحكومة قادرة على الحفاظ على ربط الجنيه المصري عند 31 جنيهًا مصريًا لكل دولار (سعر الصرف الحكومي الرسمي). وتقدر قيمة السوق الموازية الآن الدولار الواحد بحوالي 60 جنيهًا مصريًا، وهو مستوى لم يكن المصريون يتخيلونه ذات يوم.
ومع ذلك، فإن الأزمة الاقتصادية الحالية في مصر، رغم أهميتها، تخفي أزمة مالية أخرى. حيث تم تمويل كميات هائلة من الاقتراض العام على مدى العقد الماضي للمشاريع الممولة من الدولة في المقام الأول من خلال طباعة البنك المركزي للعملة، مع استخدام غالبية القروض المكتتبة في مصر لتمويل المشاريع الضخمة مثل العاصمة الإدارية الجديدة والقطار الأحادي الجديد الطموح.
والآن حان موعد سداد الفاتورة، ومصر في حاجة ماسة إلى إعادة هيكلة التزاماتها من أجل تجنب العجز عن السداد. وهناك اتفاق جديد لصندوق النقد الدولي الجديد، قيد التفاوض، لتقديم المزيد من القروض لمصر. ويضمن هذا الاتفاق المزعوم تخفيضًا عاجلًا لقيمة الجنيه المصري. وهذا الأمر إلى جانب التدابير التقشفية المستمرة التي تتخذها الحكومة، قد يؤدي إلى إغراق المستهلك المصري المنهك بالفعل في مزيد من الفقر.
ومن الممكن أن يوفرعدم الاستقرار الاقتصادي فرصة للجهات الفاعلة المتطرفة للعودة إلى الصدارة. ومن الحماقة التقليل من شأن العودة المحتملة للأحزاب المتطرفة في سياق التدهور الاقتصادي الحاد.
تشكل حرب غزة والصراع مع إثيوبيا والتخفيض الوشيك لقيمة العملة عاصفة لمصر في عام 2024، مما قد يسبب أزمة محتملة للسياسة الخارجية الأمريكية.
إن التقرب من مصر الآن، من خلال المساعدات الاقتصادية والعسكرية، يمكن أن يؤدي إلى تأثير أمريكي أكثر فعالية على السياسات المصرية وربما يوفر ثقلًا موازنًا للوجود الروسي المتزايد في أماكن أخرى في شمال إفريقيا ومنطقة الساحل.
المصدر: ناشيونال إنترست
المقالة تعبر فقط عن رأي الصحيفة أو الكاتب
Source link