استبقت الصين، مع مطلع العام الجديد، أجندة الرئيس المنتخب ترامب وتعريفاته الجمركية الصارمة، ونفذت قيودا تجارية تستهدف عدة شركات أمريكية. وشملت هذه الإجراءات حظر تصدير المنتجات “ذات الاستخدام المزدوج”؛ ذات الاستخدامات المدنية والعسكرية، وتقييد عمليات 10 شركات متورطة في مبيعات الأسلحة إلى تايوان.
وتحمي بكين صناعاتها المحلية بسياسات صارمة، وعلى مدى العقدين الماضيين، تفوقت الصين على الولايات المتحدة كأكبر شريك تجاري غير قاري لكامل قارتي أمريكا الجنوبية وأفريقيا، واكتسبت نفوذا سياسيا في هذه المناطق ذا عواقب ملموسة.
ويبدو أن اهتمام ترامب المفاجئ بقناة بنما؛ الشريان التجاري العالمي، ينبع من خوفه من تزايد نفوذ الصين فيه. حيث تدير شركة صينية اثنين من الموانئ الخمسة الرئيسية بالقرب من قناة بنما، وهو طريق تجاري يمر عبره 5٪ من التجارة البحرية العالمية. وتعد بكين ثاني أكبر مستخدم للقناة وواحدة من أكبر المصدرين إلى منطقة كولون الحرة في بنما، حيث تواصل بناء موانئ الحاويات لتوسيع نفوذها.
ولذلك يتعين على الولايات المتحدة تكثيف جهودها لمنع الصين من الاستمرار في استخدام الموارد الأمريكية كوقود لطموحاتها. ويتطلب تحقيق هذه الغاية استراتيجية أمريكية موحدة تستهدف جميع القنوات التي تستفيد من خلالها الصين من أسواقنا ومواردنا. وسوف يؤدي قطع هذه التدفقات إلى إضعاف قدرة الصين على تحدي الولايات المتحدة على الصعيد العالمي.
لكن ما هي الإجراءات الفورية التي يمكن اتخاذها للحد من هذا التحدي؟
أولا، منع الكيانات الصينية من شراء الأراضي الزراعية الأمريكية والعقارات الحيوية وإلغاء تأشيرات الطلاب للمواطنين الصينيين الذين يدرسون مجالات حساسة، وخاصة العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات.
ثانيا، بيع أو حظر المنصات الرقمية مثل تيك توك، التي تسيطر عليها شركة بايت دانس بالكامل لحماية البيانات والخصوصية الأمريكية.
ثالثا، سحب الاستثمارات من الشركات المرتبطة بالدفاع التابعة للحزب الشيوعي الصيني. وتعتبر شركة DJI، أكبر شركة في العالم لتصنيع الطائرات دون طيار التجارية، وشركة Huawei، باعتبارها من أكبر الشركات العالمية الرائدة في مجال توفير معدات الاتصالات والإلكترونيات الاستهلاكية.
رابعا، إعطاء الأولوية للهيمنة في مجال الذكاء الاصطناعي وغيره من التقنيات المتقدمة للحفاظ على ميزة استراتيجية. وقد أدى التدقيق المفرط في عمليات الاندماج والاستحواذ إلى إبطاء وتيرة الابتكار في المجالات الناشئة مثل الذكاء الاصطناعي. وترك هذا الولايات المتحدة عُرضة للمنافسة الصينية التي تعمل بقوة على تعزيز براعتها التكنولوجية. إضافة إلى أن البقاء في المقدمة في مجال ابتكارات الذكاء الاصطناعي ليس مجرد أولوية اقتصادية بل ضرورة للأمن القومي.
خامسا، معالجة مصادر الدخل الأقل وضوحا. فعلى سبيل المثال، تولد شركة التبغ الصينية أكثر من 200 مليار دولار سنويا من خلال 5800 منتج يغرق الأسواق الأمريكية، في حين تستهدف إدارة الغذاء والدواء المنتجات المصنوعة في أمريكا، مما يقوض المصالح الأمريكية.
كما يجب الانتباه إلى القيود التي فرضها بايدن على إنتاج النفط والغاز المحلي وتوقف مشاريع البنية التحتية الحيوية مثل خطوط الأنابيب، مما أدى لإعاقة استقلال أمريكا في مجال الطاقة والسماح لخصوم مثل روسيا ودول أوبك المعادية لمصالحنا بإملاء أسواق الطاقة العالمية.
إن الدول القوية تُبنى على القوة والعزيمة والقدرة على الدفاع عن مصالحها، وليس على التنازلات. ويجسد نهج الرئيس ترامب “أمريكا أولا” و”السلام من خلال القوة” هذه الروح. وقد أعطى الشعب الأمريكي للرئيس ترامب تفويضا لاستعادة هيمنتنا كزعيم عالمي في منافسة القوى العظمى في القرن الحادي والعشرين، فليفعل ما انتخبناه لأجله.
المصدر: ناشيونال إنترست
المقالة تعبر فقط عن رأي الصحيفة أو الكاتب