وجاء في التقرير المنشور على موقع الجريدة:
لقد أدت التدريبات النووية المكثفة التي أجرتها روسيا، واختيارها نشر أنظمة نووية في بيلاروس، إلى إعادة المخزون النووي التكتيكي لموسكو إلى دائرة الضوء. وقد قال الأدميرال السير توني رادكين، قائد القوات المسلحة البريطانية، في وقت سابق من هذا الشهر: “لقد رأينا تهديدات جامحة من روسيا باستخدام الأسلحة النووية التكتيكية والتدريبات النووية الواسعة النطاق، ومحاكاة الهجمات ضد دول حلف (الناتو)”.
وزعم رادكين خلال كلمة ألقاها في لندن أن “كل هذا مصمم لإرغامنا على عدم اتخاذ الإجراء المطلوب للحفاظ على الاستقرار”. وأضاف أن دول “الناتو” تحدق في “فجر العصر النووي الثالث”، وهو ما جاء بعد عصر سابق من الدفع بنزع السلاح ومكافحة الانتشار النووي، الذي أعقب الانفجار الأول لسباقات التسلح النووي إبان الحرب الباردة.
وتسيطر روسيا والولايات المتحدة مجتمعتين على ما يقرب من 90% من الأسلحة النووية في العالم. ويشمل ذلك الأسلحة النووية الاستراتيجية وغير الاستراتيجية التكتيكية.
وبعكس الأسلحة الاستراتيجية، فإن الأسلحة النووية التكتيكية مصممة للاستخدام في ساحة المعركة، أو فيما يعرف بالمسرح المحدد. وهي أقل قوة، ومصممة للاستخدام ضد أهداف مختلفة عن الأسلحة النووية الاستراتيجية، التي تخضع للحد بموجب معاهدة “ستارت” الجديدة، التي من المقرر أن تنتهي في عام 2026.
وتُنشر الأسلحة النووية الاستراتيجية على صواريخ باليستية عابرة للقارات، وصواريخ باليستية تطرق من الغواصات، وصواريخ تطلق من طائرات قاذفة. وينظر إليها على أنها الصواريخ القادرة على تدمير مدن بأكملها وتهديد القوى العظمى العالمية.
وكانت الحملة الدولية لإلغاء الأسلحة النووية قد ذكرت في وقت سابق أن “هذا يعني ضمنا أن هذه الرؤوس الحربية سوف تسبب أضرارا أقل”. ولكن المنظمة أضافت أن “هذه الرؤوس الحربية قادرة على إحداث قوة تفجيرية تصل إلى 300 كيلو طن، أو عشرين ضعفا من قوة القنبلة التي دمرت هيروشيما.
وفي حين أن الأسلحة النووية الاستراتيجية محدودة بموجب معاهدة “ستارت” الجديدة، فإن الرؤوس الحربية النووية التكتيكية ليست محدودة بموجب أي اتفاق دولي.
وقد قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إن روسيا نقلت أنظمة صواريخ “إسكندر-إم” التكتيكية القادرة على حمل رؤوس نووية إلى حليفتها الرئيسية بيلاروس.
وقال الزعيم البيلاروسي القوي ألكسندر لوكاشينكو، منتصف عام 2023، إن هذه الأسلحة النووية التكتيكية تتضمن قنابل أقوى بثلاث مرات من القنابل الذرية التي استخدمتها الولايات المتحدة ضد مدينتي هيروشيما وناغازاكي اليابانيتين عام 1945، وقال بوتين إن روسيا احتفظت بالسيطرة على هذه الأسلحة.
كذلك حذر المسؤولون الروس صراحة من احتمال اندلاع صراع نووي بسبب العملية العسكرية الروسية الخاصة في أوكرانيا، التي تقترب الآن من عامها الثالث. وقد أجرت موسكو عدة جولات من التدريبات التكتيكية على الأسلحة النووية هذا العام، بما في ذلك في شهر مايو الماضي، ردا على ما أسماه الكرملين “تصريحات وتهديدات استفزازية” من مسؤولين غربيين، كما أجرت بانتظام تدريبات على الأسلحة النووية الاستراتيجية.
وقالت الولايات المتحدة إن “ردع روسيا عن استخدام الأسلحة النووية المحدودة في صراع إقليمي يمثل أولوية قصوى للولايات المتحدة وحلف (الناتو)”.
فكم عدد الأسلحة النووية التكتيكية التي تمتلكها روسيا؟
كررت واشنطن، في وقت سابق من هذا العام، تقديراتها السابقة لمخزون الأسلحة النووية غير الاستراتيجية لدى روسيا، حيث قدرت العدد بما يتراوح ما بين 1000 و2000 رأس نووي. وقدّر تقرير الولايات المتحدة لعام 2022 أن لدى روسيا “مخزون نشط يصل إلى 2000 رأس نووي غير استراتيجي”.
ولا يُطلب من روسيا الكشف عن مخزونها من الأسلحة النووية التكتيكية بعكس تعداد أسلحتها النووية الاستراتيجية.
وتشير تقديرات الخبراء في عام 2022 إلى أن روسيا تمتلك “نحو 1912 رأسا نوويا غير استراتيجي، وربما أقل من ذلك، مخصصة للتسليم عن طريق الجو والبحر والبر وقوات دفاعية مختلفة”. وقد يشمل هذا العدد الأسلحة التي يجري تفكيكها أو إخراجها من الخدمة.
قدر اتحاد العلماء الأمريكي عدد الرؤوس النووية غير الاستراتيجية التي تملكها روسيا في وقت سابق من هذا العام بنحو 1558 رأسا.
وتشمل مخزونات الأسلحة النووية التكتيكية قنابل الجاذبية، والصواريخ المضادة للطائرات، وأنظمة الصواريخ المضادة للصواريخ الباليستية، والطوربيدات، والألغام النووية، فضلا عن الرؤوس الحربية النووية التي يمكن إطلاقها بواسطة أنظمة روسية مجهزة للحمولات التقليدية والنووية.
يمكن أيضا استخدام العديد من أنظمة الأسلحة المستخدمة لإطلاق الأسلحة النووية التكتيكية في العمليات التقليدية أو المهام التي لا تنطوي على أسلحة نووية.
وجاء في تقرير مراجعة الوضع النووي الأمريكي لعام 2018: “في حين اتبعت روسيا خطى الولايات المتحدة وأجرت تخفيضات حادة مماثلة في قواتها النووية الاستراتيجية، فإنها احتفظت بأعداد كبيرة من الأسلحة النووية غير الاستراتيجية”. وقد كتب هذا التقرير في عهد إدارة ترامب الأولى، حيث تابع: “اليوم، تعمل روسيا على تحديث هذه الأسلحة فضلا عن أنظمتها الاستراتيجية الأخرى”.
إلا أن الأمر الأكثر إثارة للقلق هو تبنّي روسيا لاستراتيجيات وقدرات عسكرية تعتمد على التصعيد النووية لتحقيق النجاح.
فكيف يبدو مخزون الأسلحة النووية التكتيكية لدى الولايات المتحدة الأمريكية؟
قالت وزارة الخارجية الأمريكية، أبريل الماضي، إن إدارة بايدن شأنها في ذلك شأن الإدارات الأمريكية الأخرى قدّرت أن الولايات المتحدة ليست بحاجة إلى “مضاهاة أو تقليد” مخزون الأسلحة التكتيكية الروسية.
وتقدر الولايات المتحدة عدد الأسلحة النووية التكتيكية التي تمتلكها بنحو 200 سلاح، نصفها تقريبا منتشر في قواعد أوروبية. ومن المعتقد أن الولايات المتحدة تمتلك نحو 100 قنبلة تكتيكية منتشرة في خمس دول أعضاء في حلف “الناتو” بالقارة الأوروبية، بما في ذلك تركيا وألمانيا وبلجيكا.
المصدر: نيوزويك
المقالة تعبر فقط عن رأي الصحيفة أو الكاتب