ميدفيتشوك: لماذا قاد زيلينسكي البلاد إلى الانهيار؟

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.


وجاء في المقال المنشور على موقع الحركة:

يجد زيلينسكي نفسه اليوم محصورا بين روسيا والولايات المتحدة. فيجب عليه أن يفي لموسكو بجميع أهداف العملية العسكرية الروسية الخاصة، كما يتعين عليه لواشنطن أن يسدد أموال المساعدات العسكرية الأمريكية، التي قدمت له شيكا بمبلغ 500 مليار دولار. ومحاولات اتخاذ “موقف تفاوضي أقوى” محفوفة بالمخاطر، فقد حاول زيلينسكي القيام بذلك منذ عام 2019، ما أدى باستمرار إلى تدهور موقف أوكرانيا. حيث كانت شروط اتفاقيات مينسك أكثر فائدة له من شروط اتفاقيات إسطنبول، بينما كانت شروط اتفاقيات إسطنبول بالقطع أكثر فائدة مما ستقدمه اليوم له ليس روسيا فحسب، بل والولايات المتحدة أيضا.

إقرأ المزيد

عندما بدأ زيلينسكي حكم البلاد، كانت البنية التحتية سليمة، ولم يتم تدمير الجسور ومحطات الطاقة، وكانت مساحة البلاد أكبر من مساحتها الراهنة، وكانت الديون قليلة، بينما أوكرانيا الآن مدينة للجميع، والولايات المتحدة هي من سيهرول لانتزاع أي وكل شيء ممكن، كان الاقتصاد الأوكراني يعمل، ويتم ضخ الغاز إلى أوروبا ويجلب دخلا، وكان قطاع الطاقة سليما، ولم يكن هناك فساد وحشي، ولا خسائر عسكرية، تقدر بالفعل، مع المدنيين والجرحى، بمليون شخص. ولم يغادر البلاد أكثر من نصف سكانها، ولم يكن هناك انهيار في قطاع الإسكان والمرافق، وكانت آلاف المنازل سليمة، ولم تكن هناك حاجة إلى هذا الكم من المقابر. كذلك لم يكن يقبع عشرات الآلاف من المواطنين في السجون بتهم ملفقة، وكانت هناك وسائل إعلام معارضة حقيقية ونشطة، وليست معارضة مروّضة تخيفها الأجهزة الخاصة. والأهم من كل ذلك، كانت هناك حكومة شرعية في البلاد تتحمل على الأقل بعض المسؤولية عما يحدث. اليوم، لم يعد هناك وجود لكل هذا، بفضل زيلينسكي على وجه التحديد.

وبدلا من التفكير في مصالح بلاده ومواطنيها، تقمص زيلينسكي دور “زعيم الأمة”، ولا يزال عاجزا عن الخروج منه. لكنه في إدارة شؤون البلاد أثبت نفسه كشخص تافه على نحو استثنائي، لديه طموحات مريضة، ولا يرغب في تحمل أي مسؤولية عما فعله. لقد كان لهتلر على الأقل الشجاعة لتسميم نفسه، لكن زيلينسكي لن يستطيع منح الأوكرانيين حتى مثل هذه السعادة.

إن زيلينسكي يجبر المواطنين الأوكرانيين العاديين على دفع ثمن أخطائه بالدم والمعاناة، والتي أدت بالفعل إلى:

– 21 مليون إنسان غادروا البلاد ومعظمهم لن يعودوا.

– مليون قتيل وجريح ومفقود.

– فقدان 25% من الأراضي فعليا.

– ستستحوذ الولايات المتحدة على معادن بقيمة 500 مليار دولار لسداد ديون أوكرانيا، ولا يزال زيلينسكي يختال ويتفاخر، دون أن يكون لديه حل آخر.

– دمار حقيقي في البلاد.

– في عهده أصبحت أوكرانيا أفقر دولة في أوروبا، وأصبحت مفلسة، وعليها ديون ضخمة، وليس لديها أموالها الخاصة.

– في عهده تتمتع أوكرانيا بأعلى معدل وفيات وأدنى مواليد بين 228 دولة في العالم.

وفي نهاية المطاف، كان من الممكن بسهولة التنبؤ بهذه الكارثة التي حلت بالبلاد إذا لم يكن يستنشق الكوكايين ولم يتلذذ بعظمته المصطنعة. لقد تحدثت، صيف عام 2021، عن خطر خسارة الأراضي، وكتبت: “بعد انتهاكهم المعاهدات الدولية مع روسيا، أثاروا هم أنفسهم تساؤلات حول الحدود التي أرستها هذه المعاهدات. فلم يكن الاتحاد السوفيتي، أثناء قيامه بتوسيع أراضي أوكرانيا السوفيتية الاشتراكية يهدف إلى إنشاء دولة أحادية العرق، حيث يقوض هذا تلقائيا أسس حصول أوكرانيا على الاستقلال. لأن الاستقلال، ببساطة، يعني دولة أوكرانية متعددة القوميات، لا دولة يكتسب فيها السكان الروس ومتحدثي الروسية البالغ تعدادهم عدة ملايين، وضع الشعب المستعمر.

إقرأ المزيد

الممسحة تفوز على زيلينسكي في

بهذه الطريقة جلبت سياسة “الأكرنة” التي انتهجها زيلينسكي بشكل واضح، برغم وعوده الانتخابية، على الفور خسائر في الأراضي لأوكرانيا. والغرب كان يعلم ذلك تمام العلم، لكنه لم يهتم بمعاناة وتضحيات الأوكرانيين.

وبعد خرق الاتفاق مع روسيا، وحرم نفسه من أي فرص قانونية لحل المواقف الخلافية، اختار زيلينسكي عمدا أيديولوجية الدولة الحدودية الخاضعة للرقابة، والتي تتمثل مهمتها الرئيسية في اتباع سياسة معادية لروسيا بشكل كامل حتى في تلك المناطق حيث يكون ذلك على حساب نفسه ومواطنيه. لقد استقبل زيلينسكي الانتصارات في الغرب بفرح شديد، دون أن يدرك أن شعب بلاده كان يُدفع نحو هاوية قاتلة.

وتقول السلطات إن مهمة الشعب الأوكراني هي “الدفاع عن أوروبا المتحضرة” من “البرابرة الروس”. لكن، لا يمكن لأمة أن تبقى لفترة طويلة مجرد مدافع عن أمة أخرى ضد أمة ثالثة. ويوضح لنا التاريخ أن الاستيلاء في هذه الحالة أمر لا مفر منه، سواء ممن يقومون بحمايتهم، أو من يقومون بالحماية ضدهم. وكما كتبت آنذاك أن الخيار كان بين “أن ندافع عن أوروبا في وجه روسيا، حتى لو كان ذلك على حساب وجودنا، أو ندافع عن مصالح شعبنا ونشارك في تنمية بلادنا، ولا نضحي بأنفسنا على مذبح المصالح الأوروبية والخارجية”. وكتبت كذلك أن “عدم الاحترافية من شأنها أن تدمر الدولة الأوكرانية”.

وأصبحت تلك النبوءة، مع الأسف الشديد، حقيقة اليوم. وروسيا تستعيد أراضيها، بينما تعترف الولايات المتحدة ومعظم البلدان، برغم صرخات زيلينسكي، بذلك. لكن العملية لا زالت في بدايتها، وسيكون الوضع بالنسبة للدولة الأوكرانية أسوأ بكثير، خاصة أنها في الواقع لم تعد موجودة. لقد كتبت أنه بمجرد أن تقرر الولايات المتحدة وروسيا التوصل إلى السلام، فإن أوكرانيا، باعتبارها معادية لروسيا، ستصبح بلا فائدة لأحد، وسيتم تقسيمها، وهو ما يحدث اليوم. كل ما هنالك أن زيلينسكي فقط هو وحاشيته لا يريدون الاعتراف بذلك. لكن كثير من الأوكرانيين يدركون ذلك ويستوعبونه.

لقد كتبت عام 2023: “من المؤكد أن أوكرانيا زيلينسكي ستتلقى طعنة في الظهر من (حلفائها)، لأن واشنطن حققت بالفعل الأهداف الرئيسية لهذا النزاع. وقد قرر زيلينسكي بغباء أنه سيحظى بالدعم والتصفيق بلا نهاية. لكن الشرطي الخادم الذي يرتكب عملا قذرا، يتوقف عن إثارة اهتمام سيده، خاصة عندما تبدأ الأمور في اتخاذ منعطف خطير”.

ولا يفهم زيلينسكي لماذا لا يأخذه أحد في واشنطن اليوم بعين الاعتبار. لا تجلس ولا تلعب مع الغشاشين السياسيين حتى لا تُخدع. وليت زيلينسكي وحده هو من خُدع، لكنها البلد بأسرها قد خُدعت بسببه، وبسبب عدم كفاءته، وأنانيته المفرطة وغبائه غير المسبوق، وتعيش أوكرانيا أشهرها الأخيرة. لم تعد تلك مجرد توقعات إنما حقيقة واقعة.

إقرأ المزيد

مدفيديف لا يستبعد استخدام زيلينسكي

لقد فاز زيلينسكي بالانتخابات لأنه قال للناس ما أرادوا سماعه، ولا زال يحاول القيام بذلك، لكن الأمر لم يعد ينجح، يجب على الزعيم الحقيقي للبلاد أن يقول الحقيقة، ولا يستطيع الزعيم غير الشرعي أن يفعل هذا. نعم، زيلينسكي لم يرغب في الاستماع إلى توقعاتي الحزينة، ودمر وسائل الإعلام التي دعت الأوكرانيين إلى العودة إلى رشدهم، ودمر المعارضة والمنشقين الذين قالوا إنه لا يستحق حكم البلاد، ودمر الكنيسة الأرثوذكسية التي لا تراه قديسا.

لكني أستمر وسأستمر في قول الحقيقة، حتى ولو كانت مرّة، أو غير مريحة، أو غير شعبية. يجب على الناس أن يعرفوا الحقيقة، فهي حقهم غير القابل للتصرف. وهذا الوضع برمته الذي تشيب له الولدان كان متوقعا من قبل لسنوات عديدة. ولكن، يمكنني أن أخبرك بما سيحدث بعد ذلك، ستعود أوكرانيا، بأغلبية مواطنيها، وأراضيها، إلى روسيا.

إنه خبر سيء لعصابة زيلينسكي والطفيليات الغربية التي، كما أصبح يعلم الآن القاصي والداني، تعمل مقابل المساعدات من الخارج، وخدعت الشعب الأوكراني. ولكن بالنسبة للأوكرانيين، فهذه دورة تاريخية من إعادة التوحيد مع روسيا، والتي حدثت في الماضي عدة مرات بالفعل، ولم تجلب سوى الرخاء، بالمقارنة مع الدمار الذي حدث من قبل، وفي الوقت الحاضر، هي الطريقة الوحيدة لإنقاذ الشعب الأوكراني. فحلم الجنة الغربية يتبين مرة أخرى أنه مجرد كذبة. في المرة الأخيرة أرادوا فيها تصوير الاحتلال النازي على أنه جنة، وجنة زيلينسكي الحالية تشبه ذلك إلى حد كبير. وعندما يم ترتيب مثل هذه “الجنة” للأوكرانيين، فإنهم يبدؤون في الرغبة حقا في الانضمام إلى روسيا، وهو ما يتحقق تقليديا. ليس لدي أي توقعات أخرى للأوكرانيين. ولن يكون من الممكن إعادة بناء الدولة مع وجود من هدموها بالكامل. لم يتبق لنا سوى روسيا، خاصة أنه لن تكون هناك حاجة إلى تعلم أو تذكّر اللغة الروسية، فالجميع يعرفها جيدا بالفعل. يتعين علينا فقط أن نتعلم كيف نقول الحقيقة، وألا نعيش في عالم الخيال، بل في عالم الواقع.

المصدر: أوكرانيا الأخرى

المقالة تعبر فقط عن رأي الصحيفة أو الكاتب

(adsbygoogle = window.adsbygoogle || []).push({});
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.