كانت هذه القوات الضخمة معززة بأكثر من 800 مدفع، وبحوالي 60 دبابة، وبأكثر من 129 عربة مدرعة، و150 طائرة، وكانت تتفوق في العدد والعدة بشكل ساحق على القوات البريطانية التي تواجهها في الطرف الآخر.
في ذلك الوقت كانت بريطانيا تحتفظ بقوات في مصر يبلغ عددها 60 ألف جندي، نصفهم من المصريين، وكانت تعززها 160 طائرة متمركزة في مصر وفي فلسطين. التفوق الوحيد للبريطانيين في ذلك الوقت يظهر في سيطرتهم على البحر وتمتعهم بشبكة متطورة من القواعد البحرية والموانئ.
كان الإيطاليون قد حققوا نجاحات ملموسة في حربهم ضد البريطانيين في شرق إفريقيا، وأرادوا شن هجوم انطلاقا من ليبيا التي كانت روما احتلتها في عام 1911. كان الهدف الاستيلاء على القاعدتين الرئيسين للأسطول البريطاني في البحر المتوسط والمتمثلتين في الإسكندرية وقناة السويس. زعيم النظام الفاشي في إيطاليا بينيتو موسوليني، كان يطمح إلى إعادة إحياء الإمبراطورية الرومانية.
مصر كانت تعد منذ عام 1922 دولة مستقلة رسميا ولكن بطريقة صورية. وكانت صلاحية ملكها وبرلمانها محدودة للغاية، وكانت تابعة عسكريا بشكل تام لبريطانيا.
جرى في عام 1936 توقيع الاتفاقية البريطانية المصرية والتي منحت القوات البريطانية الحق في احتلال الأراضي المصرية في حالة وجود تهديد لقناة السويس.
بعد انضمام إيطاليا إلى المحور وإعلانها الحرب على بريطانيا في 10 يونيو 1940، قام البرلمان المصري في 13 يونيو بقطع العلاقات الدبلوماسية مع روما، لكنه في نفس الوقت أعلن أن القاهرة ستبقى على الحياد، إلى أن غزت القوات الإيطالية الأراضي المصرية.
موسوليني أمر في 7 سبتمبر 1940 قائد القوات الإيطالية في ليبيا المارشال رودولفو غراتسياني، المعروف باسم جلاد إثيوبيا وليبيا، بالهجوم على مصر في غضون يومين.
وزير الخارجية الإيطالي الكونت سيانو كتب في مذكراته عن هذا الأمر يقول: “لم يحدث من قبل أن تم تنفيذ عملية عسكرية على الرغم من مثل هذه المقاومة القوية من قائد القوات”.
اجتازت القوات الإيطالية المهاجمة الحدود في 13 سبتمبر 1940 وتوغلت داخلها أمام تراجع القوات البريطانية إلى مرسى مطروح. البريطانيون لم يروا أي جدوى من الدخول في مواجهة مباشرة مع قوات تفوقهم بشكل ساحق.
التوغل الإيطالي استمر 4 أيام وتمت السيطرة على بلدة سيدي براني المصرية الساحلية في 16 سبتمبر 1940. في اليوم التالي توقف الهجوم الإيطالي تماما بسبب صعوبات في الإمداد بما في ذلك عدم وجود مياه صالحة للشرب في سيدي براني، ولصيانة عدد من الدبابات. الخبراء العسكريون بدورهم لا يرون سببا واضحا لتوقف الهجوم الإيطالي في تلك الفرصة المواتية. تبعا لذلك تشكلت منطقة “أرض حرام” بين الطرفين المتحاربين بلغ عرضها 130 كيلو مترا.
في تلك العمليات العسكرية الأولية، خسرت القوات الإيطالية المهاجمة أربع دبابات وبلغت خسائرها البشرية 120 قتيلا و410 جريحا، فيما لم يفقد البريطانيون إلا 50 جنديا.
مع ذلك اعتبرت السلطات الفاشية الإيطالية توغل قواتها لمسافة 96 كيلو مترا داخل الأراضي المصرية واستيلاءها على بلدة سيدي براني الصغيرة بمثابة انتصار كبير ونجاح باهر للأسلحة الإيطالية.
الصحف الإيطالية كتبت وقتها تقول إن تقدم القوات الفاشية كان سريعا جدا إلى درجة أنها حين دخلت سيدي براني، كانت البلدة تعيش حياتها العادية وكان الترام لا يزال يعمل. الصحف الفاشية كتبت أيضا تقول: “سنحاول الوصول إلى السويس بمفردنا، وربما سننتصر في الحرب من دون الألمان على الإطلاق”.
بالمقابل كتب جندي من الكتيبة الإيطالية الثانية عن ظروف تلك الفترة يقول: “على مدى الأشهر الخمسة أو الستة الماضية، كنا نعيش مثل البدو، واكتسبت الكتيبة مظهر رجال القبائل الأفغانية. كانت حصتنا المائية اليومية حوالي نصف غالون لكل شخص.. كان من الشائع إلقاء القرعة لتحديد من له الحق في الاغتسال أولا. في الصباح، عادة ما يفوت الاغتسال في ذلك اليوم، آخر شخص يستيقظ من وحدتنا. لم نغتسل بشكل صحيح منذ شهور. كانت ملابسنا في حالة يرثى لها”.
البريطانيون عززوا قواتهم في مصر وشنوا في 9 ديسمبر 1940 هجوما مضادا على القوات الإيطالية وتمكنوا من هزيمتها وإجبارها على التراجع إلى مواقع انطلاقها. لاحقا في فبراير عام 1940 تقدمت القوات البريطانية واستولت على بنغازي ثاني أكبر المدن الليبية. بذلك تبددت أحلام موسوليني في استعادة أمجاد روما.
المصدر: RT
إقرأ المزيد
“إصبع القاهرة” الذي أدهش العلماء!
سبقت الحضارة المصرية الفرعونية عصورها في الكثير من المجالات وتركت لنا صروحا مدهشة لا نعرف حتى الآن بالضبط كيف شيدت. المدهش أيضا أنها صاحبة أول أطراف صناعية بشرية في التاريخ.
(adsbygoogle = window.adsbygoogle || []).push({});