ترامب يخسر معركته الأولى.. ضد الوقت

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.


إقرأ المزيد

بعد طرد الفلسطينيين نتنياهو سيدمر إيران

ولا يعود ذلك فقط إلى انتقام بايدن، بل يعكس بشكل عام تدهور الوضع الاقتصادي في الولايات المتحدة وحول العالم. حيث يتدهور الوضع العام في الولايات المتحدة بسرعة، وسيستمر في التدهور حتما، بغض النظر عن الحزب الحاكم أو شخصية الرئيس.

ويتعلق هذا الأمر بكل نقاط الضعف المؤلمة: الأزمة الداخلية، وهزيمة الغرب في أوكرانيا، وخسارة المنافسة الاقتصادية أمام الصين، وفقدان السيطرة على حلفاء سابقين، مثل المملكة العربية السعودية، التي رفضت زيادة إنتاج النفط على حساب نفسها من أجل خفض أسعار النفط، وحتى مصر التي تقاوم تهجير الفلسطينيين في ظل ظروفها الاقتصادية الصعبة للغاية.

لقد خسر ترامب المعركة ضد الوقت حتى قبل توليه المنصب.

 ولكن، كان إدراك الولايات المتحدة للتهديد الصيني متأخرا في نهاية المطاف، فقد أصبحت الصين قوية لدرجة أنها قررت، برغم الحذر الصيني التقليدي، الرد على الحرب التجارية الأمريكية بشكل استعراضي، حتى بعد أن أعلنت واشنطن بالفعل عن مكالمة هاتفية، ورفض شي جين بينغ الرد على مكالمة ترامب الهاتفية، وفرض، بصمت، ودون مساومة، رسوما جمركية انتقامية. لقد بدأ الصدام المباشر بين الولايات المتحدة والصين، وسيتطور تدريجيا من حرب تجارية إلى صراع عسكري.

إقرأ المزيد

التلغراف: إنه الآن عالم بوتين وترامب

وعلى الرغم من المكاسب التي حققتها إسرائيل في غزة ولبنان وسوريا، فإن الولايات المتحدة تخسر الشرق الأوسط. ومن خلال إدراكه لهذا الأمر، يحاول ترامب تعزيز مكانة إسرائيل باعتبارها حصنه الرئيسية في منطقة ستتحول حتما إلى ساحة معركة في حربه مع الصين. ويتضمن هذا التعزيز القضاء على الضعف الداخلي لإسرائيل متمثلا في الفلسطينيين، ومن هنا التسرع والإصرار على طردهم، حيث تلتقي هنا مصالح ترامب ونتنياهو.

وأتحفظ شخصيا على قدرات مصر والأردن في مقاومة هذا المشروع. فكلا البلدين يعتمدان اعتمادا كبيرا على رأس المال الغربي والتجارة الخارجية. وترامب قادر، إذا ما أراد، على تدمير اقتصادات هذه الدول بقرار واحد يتعلق بالعقوبات المالية، وقطع الوصول إلى قروض جديدة و/أو منع هذه الدول من تسوية مدفوعاتها بالدولار.

الأسوأ من ذلك هو أنه، وفي رأيي المتواضع، ليس للولايات المتحدة أي مصلحة في الحفاظ على الاستقرار في هذه البلدان أو في الشرق الأوسط ككل، وهو ما يعني أن العواقب الكارثية للعقوبات المحتملة ضد مصر من غير المرجح أن توقف ترامب. ولا يمكن للولايات المتحدة إلا أن تلاحظ الانجراف التدريجي للدول العربية، بما في ذلك دول الخليج، نحو الصين، في حين أن وقف تصدير النفط الخليجي إلى الصين (نتيجة الحرب مع إيران أو لأي سبب آخر) هو جزء من الخطة الأمريكية لمحاربة الصين. وقبل رحيلها عن المنطقة، ستضرم الولايات المتحدة النار فيها حتى لا تسقط في أيدي الصين.

ولعل الحجة الوحيدة ضد زعزعة استقرار مصر في الوقت الراهن هي الوقت! الوقت ينفد، وكان لا بد من إنجاز كل شيء بالأمس، والآن قد يؤدي ضيق الوقت إلى حرب متزامنة على جبهتين أو ثلاث أو أربع، ضد إيران، وضد روسيا، وضد كندا وغرينلاند، وضد مصر مع تهجير الفلسطينيين، وصراع مع الصين. حيث ستتجاوز هذه الصراعات، إذا ما حدثت في وقت واحد، قدرة الولايات المتحدة إلى حد كبير.

إقرأ المزيد

من وماذا سيكسر عنق الرئيس الأمريكي الجديد؟

وفي ظل هذه الظروف، قد يكون لموقف مصر الصارم للغاية، والابتزاز العلني بإمكانية التحول إلى المعسكر الصيني وفتح جبهة أخرى ضد ترامب، بعض فرص النجاح. لكن، من المؤكد أن هذه ستكون خدعة بأوراق لعب ضعيفة ومقامرة محفوفة بالمخاطر للغاية، وستعتمد نتيجة لعبة “البوكر” هذه على احترافية اللاعبين.

من بين الخطوات القوية للغاية في مثل هذه اللعبة قد تكون (على الرغم من أنها قد تكون غير متوقعة وغير قابلة للتصديق) بيان مشترك محتمل من جانب زعماء مصر وإيران والمملكة العربية السعودية حول نيتهم منع تهجير الفلسطينيين بأي ثمن. وبطبيعة الحال لن يمنع ذلك الحرب، ولكنه ربما يؤخرها. ومع ذلك، فمن غير المرجح أن يصدر مثل هذا البيان. على الأرجح، ستتطور الأحداث وفقا للأنماط التاريخية، أي أن الجميع سيؤجلون دخول الحرب، بالتالي سوف يدخلونها في أسوأ لحظة وفي أسوأ الظروف.

على أية حال، وفي ظل هذه الظروف، فإن التسرع المذهل من جانب ترامب لتسوية الوضع في أوكرانيا أمر مفهوم وطبيعي، فهذه القضية تحرق يدي ترامب كفحم ساخن في راحة يده، ويسعى للتخلص منها بأي ثمن تقريبا. لذا كان ترامب هو من اتصل ببوتين، الذي لم يرفض إجراء محادثة أو حتى لقاء، لكن استنادا إلى تعليق الكرملين، فإن بوتين كرر خلال هذه المحادثة ببساطة مطالبه السابقة. ومن الواضح أن ترامب هو من يحتاج إلى اتفاق لا بوتين، ليحصل الأخير على فرصة للمطالبة بثمن مضاعف مقابل تنازلاته المحتملة.

ومع ذلك، فأنا متشكك للغاية بشأن إمكانية التوصل إلى تسوية طويلة الأمد بأوكرانيا في المستقبل القريب. والمقترحات التي طرحها ترامب لا تقضي على أسباب الحرب، كما أن تجميد العمليات العسكرية الناجحة على المدى الطويل ليس في مصلحة روسيا.

وبطبيعة الحال، هناك بعض المزايا التكتيكية للتجميد المؤقت بالنسبة لروسيا، لكن هذا التجميد لديه فرصة لأن يصبح مستداما، وهو ما يتعارض بشكل قاطع مع مصالح روسيا.

إقرأ المزيد

هل نرى تحالفا تكتيكيا بين أردوغان ونتنياهو قريبا؟

إلا أن هناك فخ بالنسبة لترامب، فقد كانت الحرب ضد روسيا تؤخر الانهيار الجليدي في شكل تفعيل عدد من الصراعات الأخرى في وقت واحد. وفي حال التجميد المؤقت لأحداث أوكرانيا، فإن المهمة الرئيسية لترامب ستكون الفصل زمنيا بين طرد الفلسطينيين والحرب مع إيران، وتجنب الحرب على جبهتين.

وبناء على سلوك إيران منذ أكتوبر 2023، فإن لدى ترامب فرصة جيدة لتأجيل الحرب الإسرائيلية الإيرانية حتى اكتمال تهجير الفلسطينيين، حيث كانت طهران حتى الآن ثابتة ومثابرة في جهودها لتطبيع العلاقات مع الولايات المتحدة.

بالنسبة لخصوم الولايات المتحدة، فإن الهدف الرئيسي هو مضاعفة عدد الصراعات التي تشترك فيها الولايات المتحدة. فلا ينبغي لنا أن نسمح لترامب بالفصل بين الصراعات زمنيا، وحل المشكلات على التوالي. نحن بحاجة إلى جرّ الولايات المتحدة إلى أكبر عدد ممكن من الصراعات على التوازي. وفي هذا الصدد، سيعتمد كل شيء في الوقت الراهن على موقف مصر وإيران. وقد قدمت روسيا مساهمتها بالفعل. إن عنصر الوقت الآن هو السلاح الرئيسي والعامل الرئيسي في الحرب، والحكيم من يجيد استخدامه.

المحلل السياسي/ ألكسندر نازراوف

رابط قناة “تلغرام” الخاصة بالكاتب

المقالة تعبر فقط عن رأي الصحيفة أو الكاتب

(adsbygoogle = window.adsbygoogle || []).push({});
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.