الملك الذي فقد رأسه: “أنتم جلادون ولستم قضاة”!

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.


جاء ذلك الإعدام المدوي في خاتمة صراعات سياسية وعسكرية بين أنصار الملكية “الكافالييرز”، وأنصار البرلمان “الرؤوس المستديرة”، وكاد أن يغير تاريخ بريطانيا وسائر أوروبا.

تشارلز الأول كان ملكا يؤمن بالحكم المطلق، وتسبب نهمه للسلطة في صراعات متكررة مع البرلمان الذي سعى إلى تقييد سلطاته.

تلك الصراعات تسببت في اندلاع الحرب الاهلية الأولى في إنجلترا “1642 – 1646” بين أنصار الملكية وأنصار البرلمان.

خلال فترة حكمه، فعل الملك تشارلز الأول كل شيء لإثارة غضب رعاياه. خلت البلاد من البرلمان لأكثر من 18 عاما، وأحاط الملك نفسه بمستشارين لم يرض عنهم عامة الناس.

اتسمت فترة حكم تشارلز الأول بانتشار عقوبات السجن والأشغال الشاقة في أرجاء إنجلترا، وأجبرت المحاكم الخاضعة للملك الناس على التحول إلى الكاثوليكية، وجرى إرسال مفارز مسلحة إلى المقاطعات لتحصيل الضرائب. بأوامر من الملك تشارلز الأول، قبض على الكثيرين وتعرضوا للجلد وقطع الأنوف والآذان وما شابه.

لم يستطع الملك والبرلمان الاتفاق على العديد من القضايا الخلافية المتراكمة، ما أدى إلى نشوب حرب بين قوات الطرفين انتهت بانتصار البرلمان بقيادة أوليفر كرومويل.

بعد الهزيمة، اعتقلت قوات البرلمان تشارلز الأول الذي رفض التنازل عن سلطاته أو الاعتراف بشرعية البرلمان والمحكمة التي شكلها للقصاص منه. تلك المحكمة تعتبرها لا تمثل الشعب، بل ورفض في الأصل فكرة أن يحاكم الملك من قبل رعاياه.

تولى تشارلز الأول مهمة الدفاع بنفسه أمام المحكمة، وواجه القضاة متحديا وخاطبهم قائلا إنه لا يعترف بهم إلا كجلادين له.

أدانت محكمة البرلمان في 27 يناير 1649 تشارلز الأول بمحاولة “تأكيد سلطة استبدادية وغير محدودة للحكم وفقا لإرادته والإطاحة بحقوق وحريات الشعب”، وقضت بإعدامه بقطع رأسه.

أمضى الأيام الثلاثة الأخيرة من حياته في قصر سانت جيمس محاطا بمقربين منه. وفي 30 يناير اقتيد إلى منصة إعدام كبيرة سوداء نصبت أمام قاعة الولائم.

صعد تشارلز إلى منصة الإعدام والقى كلمته الأخيرة. أعلن براءته من الجرائم التي اتهمه البرلمان بها، ووصف نفسه بأنه “شهيد وطني”. بعد أن تحمس في الدفاع عن الحكم المطلق بنفس الإصرار في ذروة قوته، وعد نفسه بـ”تاج لا يفسد” في السماء، ثم وضع رأسه على النطع.

قطع جلاد مجهول بفأسه رأس تشارلز الأول بضربة واحدة، ثم رفع الرأس المقطع مستعرضا إياه أمام الحشد قبل أن يرمي به وسط مجموعة من الجنود.

بعد إعدام الملك تشارلز الأول ألغيت الملكية في إنجلترا، وأعلنت البلاد جمهورية بقيادة أوليفر كرومويل. الجمهورية لم تدم طويلا، ولم تهزم “التقاليد الملكية البريطانية الراسخة”، حيث استعيد النظام الملكي بجلوس تشارلز الثاني، نجل تشارلز الأول على العرش في عام 1660.

حادثة إعدام تشارلز الأول لم تمر من دون مضاعفات على التاريخ الإنجليزي والأوروبي، فقد أثارت جدلا واسعا حول مدى شرعية الحكم المطلق، وحقوق الرعايا في تقرير مصيرهم وإدارة شؤونهم. الكثير تغير بعد ذلك.

المصدر: RT

(adsbygoogle = window.adsbygoogle || []).push({});

Source link

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.