“المحافظ الأمريكي”: هل ترامب هو أكثر رئيس مؤيد لإسرائيل في نهاية المطاف؟

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.


وجاء في المقال المنشور على الموقع:

يبدو أن الرئيس الأمريكي السابع والأربعين يلعب لعبة ذكية لإبعاد الولايات المتحدة عن الشرق الأوسط.

لقد أكسبت سياسة الرئيس دونالد ترامب في الشرق الأوسط، والتي كانت منحازة بشكل كبير لإسرائيل في ولايته الأولى، سمعة بأنه الرئيس الأمريكي الأكثر تأييدا لإسرائيل على الإطلاق. لكن هناك إشارات تشي بأن الحال قد لا يبقى على ما هو عليه في فترة ترامب الثانية. فرغم سجلات بعض موظفيه المعينين، إلا أن من أبرز هذه الإشارات المؤشرات القوية التي تشير إلى أن الرئيس “القديم-الجديد” قد يختار نهجا أقل تصعيدا تجاه طهران. وبالنظر إلى هوس رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بإيران، فقد يتسبب ذلك في شقاق كبير في العلاقات الثنائية بين واشنطن وتل أبيب.

إقرأ المزيد

من وماذا سيكسر عنق الرئيس الأمريكي الجديد؟

وخلال خطاب تنصيبه، أكد ترامب على طموحاته في أن يذكره التاريخ كصانع سلام، وأن النجاح سيتحدد بعدم الانخراط في الحروب، وهي تصريحات تحمل أهمية خاصة فيما يخص الشرق الأوسط، الذي لم يعد الساحة الرئيسية للجيش الأمريكي منذ هجمات الحادي عشر من سبتمبر. والأهم من ذلك، تبدو ملاحظات ترامب وكأنها ترد على الدعوات التي تطالب بتهديد إيران بالعمل العسكري بسبب برنامجها النووي. وفي مقال حديث له في “واشنطن بوست”، أطلق دينيس روس، المعروف بخلفياته المؤيدة لإسرائيل، دعوة كهذه جادل فيها أساسا بأن وضع الخيار العسكري على الطاولة “سيرفع من احتمالية قبول طهران للصفقة”.

 وبينما قد يجادل البعض بأن تصريحات ترامب لا تكفي لتؤهلها لرفض مثل هذه السياسات المقترحة، فقد تبنّى كبار مسؤولي ترامب نبرة مشابهة، بل وصلوا إلى القول إن المصالح الأمريكية والإسرائيلية لا تتقاطع عندما يتعلق الأمر بالتعامل مع إيران.

وقد قال نائب الرئيس جيه دي فانس، في مقابلة مع “توم ديلون شو” أكتوبر الماضي: “في بعض الأحيان سيكون لدينا مصالح متداخلة، وفي بعض الأحيان سيكون لدينا مصالح مختلفة عن مصالح إسرائيل”.

وأضاف: “مصلحتنا الكبرى هي في عدم الذهاب إلى الحرب مع إيران”.

وحتى الصقور الأكثر تطرفا من بين مسؤولي الولاية الثانية لترامب قد ألمحوا إلى إمكانية التوصل إلى اتفاق مع إيران.

وقال وزير الخارجية ماركو روبيو، خلال جلسة تأكيد تعيينه أمام المشرعين: “رؤيتي تجاه إيران هي أنه يجب أن نكون منفتحين على أي ترتيب يسمح لنا بتحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة، ولكن بشرط أن نكون واعين تماما لما يجري”.

كما أن تعيينات وإقالات ترامب الأخيرة تشير إلى نفس الاتجاه. وأحد الأمثلة على ذلك هو ترشيح إلبريدج كولبي لمنصب وكيل وزارة الدفاع للشؤون السياسية، وهو المعروف بنهجه الذي يركز على الصين، حيث جادل كولبي ضد العمل العسكري الذي يستهدف إيران ووصف الشرق الأوسط الأوسع كمسار ثانوي للمصالح الأمريكية. في الوقت نفسه، تم تعيين المحلل السابق في وكالة الاستخبارات المركزية مايكل دي مينيو كنقطة الاتصال الخاصة بالبنتاغون في الشرق الأوسط، ما أثار قلقا خاصا في الأوساط المؤيدة لإسرائيل بسبب معارضته للعمل العسكري ضد إيران ومعارضته دعم الولايات المتحدة لإسرائيل ضد “حزب الله”. كما عارض دي مينيو العمل العسكري ضد حركة “أنصار الله” اليمنية أو الحوثيين، مبررا موقفه بأن أفضل طريقة لوقف هجماتهم في البحر الأحمر هي الضغط على إسرائيل للاتفاق على وقف إطلاق النار في غزة. وقد أعلن الحوثيون بالفعل أنهم سيحدّون من عملياتهم بعد اتفاق وقف إطلاق النار في غزة.

إقرأ المزيد

خبير روسي: ترامب أمام ممر ضيق من الفرص وجموح قد يخذل طموحه

في الوقت نفسه، أقال ترامب مبعوثه السابق إلى إيران براين هوك، الذي كان من أقوى المؤيدين لحملة “الضغط الأقصى على طهران” وهو تحرك يشير إلى أن التصعيد الاقتصادي قد لا يكون مطروحا حتى على الطاولة.

ويبدو أن التعليقات الأخيرة من بعض الأصوات البارزة المؤيدة لإسرائيل تؤكد أن الأمل قد ضاع في أن يقوم ترامب بتنفيذ عمليات عسكرية ضد إيران. ففي مقال نشرته “وول ستريت جورنال”، ذكر مارك دوبوفيتس ورويل مارك غريشيت من “مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات” أن ثمة معارضة شديدة للحرب ضد إيران داخل حركة “جعل أمريكا عظيمة مجددا” MAGA.

مع ذلك، يبدو أن دوبوفيتس وغريشيت يلجؤون إلى خطة بديلة داعين ترامب لدعم العمل العسكري الإسرائيلي ضد إيران إذا فشلت “الدبلوماسية المتشددة” مع طهران. ومع ذلك، يجادل الكاتبان بأن الولايات المتحدة يجب أن تتدخل عسكريا ضد الجمهورية الإسلامية حال ردت الأخيرة على هجوم إسرائيلي (على افتراض فشل الهجوم في شلّ القيادة الإيرانية).

في جميع الأحوال، فإن الهجوم الإسرائيلي على إيران، أو أي نوع من الهجوم على الجمهورية الإسلامية، سيؤدي إلى تصعيد كبير في التوترات الإقليمية وربما يدفع طهران إلى أن تصبح دولة نووية، ما يهدد المصالح الأمريكية ويرفع من احتمالية أن يقاتل الجنود الأمريكيون مرة أخرى في حرب بالشرق الأوسط.

ودرءا لهذه المخاطر، قد يعارض ترامب الهجوم الإسرائيلي على إيران. وبذا يتجنب المصير الذي لحق بثلاثة من أسلافه الذين تم تقويض سياساتهم الخارجية بسبب الشرق الأوسط. فقد تم تشويه إرث جورج بوش الابن بسبب حرب غير ضرورية في العراق بعد هجمات 11 سبتمبر. أما باراك أوباما، فبرغم عزيمته، لم ينجح تماما في تنفيذ سياساته التي كانت تهدف إلى تقليص التواجد الأمريكي في الشرق الأوسط والتحول نحو آسيا، إذ اضطر لإرسال الجنود مرة أخرى إلى المنطقة بعد صعود تنظيم “داعش”.

أما بايدن، فحاول اتباع سياسة أوباما الخارجية التي تركّز على آسيا، من خلال سحب القوات من أفغانستان وتوقيع اتفاقية الغواصات النووية AUKUS مع بريطانيا وأستراليا، التي تهدف لمواجهة الصين، إلا أن عملية “طوفان الأقصى” بقيادة “حماس”، ورد فعل إسرائيل عليها، أوقعت بايدن في فوضى بسياسته الخارجية. إذ وجدت الإدارة السابقة نفسها مضطرة لإرسال قوات إلى المنطقة وتنفيذ ضربات عسكرية ضد اليمن لمساعدة إسرائيل.

إقرأ المزيد

هل نرى تحالفا تكتيكيا بين أردوغان ونتنياهو قريبا؟

وانتهى الأمر بتكبد الديمقراطيين خسارة البيت الأبيض. فقد أظهرت الاستطلاعات الأخيرة أن دعم الولايات المتحدة لإسرائيل في حربها على غزة أدى إلى خسارة كامالا هاريس في السباق الرئاسي ضد ترامب.

ونظرا لدفع ترامب لإثبات كفاءته أكثر من أسلافه، فمن المرجح أن يبذل جهودا كبيرة لمنع جدول أعمال سياسته الخارجية من أن يتعرض للعرقلة بسبب هجوم إسرائيلي على إيران، والذي سيحمل خطرا حقيقيا في جذب الولايات المتحدة مرة أخرى إلى صراع في الشرق الأوسط.

وبالفعل، يبدو الرئيس الأمريكي عازما على منع الشرق الأوسط من تعطيل أولويات السياسة الخارجية الأكثر إلحاحا مثل المنافسة مع الصين (والتي تشمل غرينلاند وقناة بنما)، وعصابات المخدرات المكسيكية.

وفي أكتوبر الماضي، كشفت التقارير أن ترامب أرسل رسالة واضحة إلى نتنياهو مفادها أنه يريد أن تنتهي الحرب على غزة قبل أن يتولى منصبه، إذا فاز في الانتخابات. كما أرسل ترامب بعد ذلك مبعوثه إلى الشرق الأوسط ستيف وايتكوف لإجبار نتنياهو على قبول وقف إطلاق النار في غزة قبل التنصيب.

كما أخبر ترامب كبار المسؤولين الإسرائيليين الزائرين في أكتوبر الماضي أنه يريد وقف إطلاق نار على الجبهة الإسرائيلية-اللبنانية، وأعرب عن دعمه لجهود إدارة بايدن في هذا الصدد.

وإظهار الفارق بين الولايات المتحدة وإسرائيل بشأن أفضل الطرق للتعامل مع إيران يعد سياسة جديدة من الناحيتين السياسية والعملية، وهو ما ينطبق بشكل خاص عندما يتعلق الأمر بمخاطر الحرب، نظرا لافتقار الشعب الأمريكي للقدرة على تحمل صراعات عسكرية جديدة. وكما يتم التأكيد غالبا، فإن تقليل التركيز على الشرق الأوسط، وقبل كل شيء، تجنب الصراع في تلك المنطقة، سيسمح أيضا بتوفير المزيد من الموارد للتنافس بشكل أفضل مع الصين.

كما ان ذلك سيضع واشنطن في وضع أفضل للتنافس مع بكين في الجنوب العالمي، الذي يشمل القوى الإقليمية الكبرى مثل البرازيل وإندونيسيا وجنوب إفريقيا، والتي تتعاطف جميعا مع معاناة الفلسطينيين ولم تتردد في انتقاد إسرائيل بسبب سلوكها بعد أحداث 7 أكتوبر 2023. إن كسب دعم هذه الفئة من البلدان، وخاصة القوى الإقليمية الكبرى المذكورة، سيكون مفتاحا في تحديد من سيتفوق في منافسة القوى الكبرى حاليا.

المصدر: The American Conservative

*علي رزق: كاتب مشارك في حوليات Responsible Statecraft (الحكم الرشيد – موقع أمريكي يركز على السياسة الخارجية والعلاقات الدولية مع اهتمام خاص بالقضايا المتعلقة بالأمن والدبلوماسية والمصالح الأمريكية حول العالم) و”المنظور العربي” و”الميادين”. وهو يدرس حاليا للحصول على درجة الماجستير في جامعة ماكواري بأستراليا، وله مداخلات متعددة في وسائل الإعلام.

المقالة تعبر فقط عن رأي الصحيفة أو الكاتب

(adsbygoogle = window.adsbygoogle || []).push({});
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.