الطلقة الأخيرة في المغرب.. “بعد عبوركم المضيق لم يعد لديكم أمهات أو صديقات أو عائلات”!

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.


كان الجيش الإسباني في ذلك الوقت يعتمد على الخدمة العسكرية الإلزامية، وكانت صفوفه تعاني من الفساد والسرقة. كما قام الأغنياء بتجنب إلحاق أبنائهم بالخدمة العسكرية، وأرسلوا بدلًا منهم أبناء الأسر الفقيرة مقابل مبالغ مالية.

نتيجة لقلة التدريب وضعف الروح المعنوية، لقي الآلاف من جنود الإسبان مصرعهم خلال المعارك مع المغاربة في ثورات الريف المتلاحقة، تحت قيادة محمد أمزيان، وفيما بعد محمد عبد الكريم الخطابي.

خسائر الإسبان على الأراضي المغربية مطلع القرن العشرين كانت كبيرة جدًا، لدرجة أنها تسببت في اضطرابات واحتجاجات اندلعت في برشلونة وعدة مدن إسبانية أخرى.

شعر القادة العسكريون الإسبان آنذاك بوجود حاجة ملحة لتشكيل وحدات عسكرية محترفة قادرة على مواجهة قوات المقاومة المغربية. ولتنفيذ هذه المهمة، تقرر تشكيل فيلق أجنبي يشبه نظيره الفرنسي الشهير.

قسم الفرنسيون والإسبان الأراضي المغربية بموجب اتفاقية الجزيرة الخضراء عام 1906 إلى قسمين: أحدهما تحت الحماية الإسبانية، والآخر لفرنسا. وفي المقابل، برزت بشكل دوري في المغرب حركات مقاومة سعت إلى طرد الغزاة. نتيجة للمقاومة المغربية البطولية تحت قيادة عبد الكريم الخطابي، شكل الإسبان فيلقهم الأجنبي في عام 1920.

خوسيه ميلان أستراي، الذي يعود له الفضل في تأسيس الفيلق الإسباني الأجنبي، وُلد عام 1879. التحق بأكاديمية المشاة في مدينة طليطلة، وتخرج منها بعد عام ونصف برتبة ملازم ثان.

شارك أستراي في المعارك في الفلبين قبل أن يتجاوز سن السادسة عشرة، واشتهر هناك عندما تمكن مع ثلاثين جنديًا من صد عدد كبير من المتمردين في بلدة سان رافائيل. إلا أنه فقد في إحدى المعارك هناك عينه وذراعه.

عرض هذا الضابط، الذي ترقى بسرعة في الرتب العسكرية وأصبح جنرالًا عام 1919، تشكيل فيلق أجنبي لإخماد الثورة في المغرب. ومع ذلك، فضل هذا الجنرال، الذي كان يبلغ من العمر 88 عامًا آنذاك، أن يختلف الفيلق الإسباني عن نظيره الفرنسي، بحيث لا يقتصر على المرتزقة الأجانب فقط، بل يكون المجندون المحترفون الإسبان هم الأغلبية.

تمت الموافقة على اقتراح تشكيل الفيلق الأجنبي رغم الظروف غير المواتية في إسبانيا آنذاك، بالإضافة إلى انتشار الأفكار المناهضة للاستعمار.

انخرط الفيلق الإسباني الأجنبي في القتال في المغرب وهو في مرحلة التشكيل، ونفذ عمليات عسكرية عديدة هناك. قال المؤرخون العسكريون الإسبان إن هذا الفيلق تم “تعميده بالنار” على الفور في ساحات القتال.

من اللافت أن فرانسيسكو فرانكو، دكتاتور إسبانيا الشهير وحاكمها المطلق بين عامي 1936 و1973، قاد أول كتيبة للفيلق الأجنبي وكان برتبة رائد.

عندما وصل فرانكو وأفراد كتيبته إلى مدينة سبتة في طريقهم إلى المغرب، استقبلهم الجنرال خوسيه ميلان أستراي، مؤسس الفيلق، وخاطبهم قائلًا: “لقد فررتم من براثن الموت، وتذكروا أنكم كنتم أمواتًا بالفعل. لقد انتهت حياتكم. أتيتم إلى هنا لبدء حياة جديدة، والتي يجب أن تدفعوا ثمنها بالموت. جئتم إلى هنا للموت. يعيش الموت!”

وأضاف الجنرال مخاطبًا أفراد أول كتيبة للفيلق الأجنبي: “منذ اللحظة التي عبرتم فيها مضيق جبل طارق، لم يعد لديكم أمهات أو صديقات أو عائلات. ابتداءً من اليوم، سيتم استبدالهم جميعًا بالفيلق.”

ذكرت الكاتبة الإسبانية غابرييلا هودجز في كتاب لها عن فرانكو أنه كان أشد قسوة من قائد الفيلق الأجنبي ومؤسسه الجنرال أستراي، وأنه هو من أصر على تنفيذ عقوبة الإعدام للحفاظ على الانضباط العسكري بين أفراد وحدته. كتبت هودجز عن ذلك تقول: “ذات يوم، أمر دون تردد بإطلاق النار على أحد جنود الفيلق فورًا، وألقى طبقًا يحتوي على فضلات طعام في وجه ضابط، ثم أمر زملاء الجندي المذهولين بالسير على الجثة.” وأضافت أن الجنرال ميلان ونائبه لم يحاولا “الحد من فظائع الفيلق ضد السكان المحليين، حتى عندما قطعوا رؤوس السجناء وعرضوها كجوائز تذكارية.”

بمثل هذه الروح الفاشية، واجه الإسبان المقاومة الباسلة في المغرب ضد الدخلاء الأجانب. في إحدى المناسبات، اكتسحت جموع من المقاومين المغاربة مواقع عسكرية إسبانية يتمركز بها الفيلق الأجنبي، وتمكنت من محاصرتها. بعث ملازم شاب كان يقود القوة المحاصرة برسالة أخيرة إلى قيادته بواسطة المبرقة الشمسية وشفرة مورس، قال فيها: “لدي 12 طلقة. حين تسمعون صوت آخر طلقة، أرسلوا النار علينا حتى يموت الإسبان والمغاربة معًا.”

المصدر: RT

 

 

(adsbygoogle = window.adsbygoogle || []).push({});

Source link

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.