تحت هذا العنوان تناول كاتب العمود في صحيفة “واشنطن بوست” أليكس لو* مقالا حول تصريح وزير الخارجية الأمريكي بلينكن “إما أن تكون ضيفا لتناول الطعام أو أن تكون بندا على قائمته”.
نُشر المقال على موقع Scmp.com للتدوينات، وجاء فيه:
قال المسؤول الدبلوماسي الرفيع بصوت عال القول المأثور بشأن “إذا لم تكن ضيفا على طاولة الطعام فقد تصبح بندا قائمته”.
بإمكاننا تسميتها نظرية المطعم في العلاقات الدولية، حيث أوضح وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن في مؤتمر ميونيخ للأمن قبل أكثر من أسبوع: “إذا لم تجلس إلى طاولة النظام الدولي، فسوف تكون على ضمن الطعام”.
كان بلينكن حينها يرد على سؤال حول التوترات المتزايدة بين الولايات المتحدة والصين، وما تسبب فيه من “تشرذم أكبر” في السياسة العالمية.
وقد أشعل هذا التعليق النيران في عالم المدونات الصيني، وأعطته صحيفة “غلوبال تايمز” في افتتاحيتها ترجمة صينية بالألوان: “إذا لم تكن السكين ولوح التقطيع، سوف تكون السمك واللحم على اللوح”.
ليست تلك ترجمة حرفية تماما، وأكثر إثارة قليلا من النص الأصلي، الذي يبدو أنه المفضل لدى السياسيين الأمريكيين. للحصول على تاريخ ممتع لهذا القول، أقترح لكم هذا الموقع للأقوال المأثورة.
لكن، من يقرر قائمة الضيوف، وما هو موجود على قائمة الطعام؟ أعتقد أننا جميعا نعرف ما تفكر فيه واشنطن بهذا الصدد.
يجدر القول كذلك إن من كان على خشبة المسرح مع بلينكن في المنتدى الأمني، ومن كان يجلس بجواره، كانت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك، التي غالبا ما تبدو أكثر تشددا عندما يتعلق الأمر بأوكرانيا والصين.
لقد أدى رد فعل ألمانيا على الحرب في أوكرانيا إلى إحداث تغيير ملفت في نظرية المطاعم هذه، حيث من النادر جدا أن يتطوع أحد الضيوف لوضع نفسه على قائمة الطعام. ومع ذلك، وفي ظل سياسة بيربوك وشركائها، فإن هذا بالضبط ما قامت به ألمانيا.
وبعد الأوكرانيين، كان الألمان أكبر الخاسرين في هذه الحرب، ولهذا السبب تخفت الرغبة لدعم أوكرانيا بين السكان، فقد ألحقت الأزمة أضرارا جسيمة باقتصاد ألمانيا القائم على التصدير، ما جعله الاقتصاد الأسوأ أداء بين الاقتصادات الأوروبية الكبرى، بل وأسوأ حتى من بريطانيا الراكدة.
ولم يستقر التضخم (الكلمة المؤلمة في ألمانيا) بعد، وتوقعات الطاقة وخيمة. وحتى مع استمرار خط الركود، يطالب قادة البلاد بمواجهة الصين من خلال الحد من التجارة والتهديد بفرض عقوبات، وزيادة الإنفاق العسكري الذي لا تستطيع تحمله. مستويات المعيشة هي الأسوأ منذ أكثر من جيل. ولننسى دعم الصناعة الألمانية التي كانت تعتمد منذ فترة طويلة على الطاقة الرخيصة من روسيا. ومع ذلك، ومن خلال كل ذلك، وبرغم الشعبية المتدهورة لبيربوك وائتلافها الأخضر داخل الحكومة، فإنها تضاعف جهودها في نفس الاتجاه.
أولئك هم نفس الأشخاص الذين لم يهتموا بشكل مرضي بمن فجّر خط أنابيب “السيل الشمالي”، البنية التحتية الرئيسية للطاقة.
يذكرني ذلك بحادث مروع في مدينة روتنبورغ الألمانية، حينما عرض شخص نفسه لأن يؤكل حيا في إعلان شخصي، ونجح أرمين مايفيس، الذي أطلق عليه فيما بعد “آكل لحوم البشر من روتنبورغ”، في التقدم للحصول على الوظيفة.
بالتوازي، يمكن التخمين هنا، من هي ألمانيا ومن الولايات المتحدة.
إلا أن الأمر لا يقتصر على تأملاتي الخيالية حول نظرية المطعم. وفي دراسة استقصائية للرأي العام أجراها المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، نوفمبر الماضي، وجد المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية أن أغلب السكان يريدون أن يأكلوا وفقا لقائمة طعام “حسب الطلب” à la carte (وهو تعبيرهم وليست كلماتي)، بدلا من أن يفرض عليهم ما يناسبهم من طعام.
وتقول الدراسة: “بالنسبة لمعظم الناس في معظم البلدان، بما في ذلك البعض داخل الاتحاد الأوروبي نفسه، فقد دخلنا عالما انتقائيا، يمكنك فيه المزج والتوفيق بين شركائك بشأن مختلف القضايا، وبدلا من الاشتراك في قائمة محددة من الولاء لجانب أو لآخر”.
فبشأن الأمن، لا يزال كثيرون يعترفون بأنهم يعتمدون على الولايات المتحدة. لكن، وحينما يتعلق الأمر بالتجارة، فإن أغلبهم يفضلون توسيع الأعمال التجارية مع الصين، بدلا من تقييدها.
ربما يكون بلينكن على حق، فإذا لم تكن هناك لتناول الطعام في أحد المطاعم، سيتم تقديمك على طبق. ولكن، وعلى نحو متزايد، يقوم رواد المطاعم الآن بدعوة أنفسهم إلى الطاولات بدلا من انتظار دعوتهم، لا سيما أن الكثيرين قد تعلموا بالفعل أن الأمر خطير على نحو خاص إذا ما تمت دعوتك من قبل المضيف الأمريكي. وكما تعلّم الألمانيون العاديون، فقد ينتهي الأمر بك إلى قائمة الطعام.
*أليكس هو: كاتب عمود في صحيفة “واشنطن بوست” منذ عام 2012، ويغطي القضايا الرئيسية التي تؤثر على هونغ كونغ وبقية الصين. وهو صحفي له خبرة 25 عاما في التدوينات المختلفة في هونغ كونغ وتورونتو كمراسل ومحرر إخباري، ويلقي المحاضرات في الصحافة بجامعة هونغ كونغ.
المصدر: SCMP
المقالة تعبر فقط عن رأي الصحيفة أو الكاتب