فيكتوريا نولاند.. المرأة التي أزاحت تشايكوفسكي

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.


لا يقتصر تأثير المؤلف الموسيقي الروسي بيوتر تشايكوفسكي (1840-1893) على روسيا أو دول الاتحاد السوفيتي السابق فحسب بل يتخطاه إلى العالمية بكل ما تحمله هذه الكلمة من معنى.

ولا شك أن هناك شوارع مهمة في عدد من عواصم العالم الكبرى تحمل اسم ذلك المؤلف الموسيقي الجهبذ الذي نعرف جميعا إن يكن أوبراته فعلى أقل تقدير باليهاته الشهيرة “كسارة البندق”، و”بحيرة البجع” و”الجمال النائم”، والتي تزين جميع مسارح العالم من الصين واليابان وأستراليا وحتى القاهرة وإسطنبول، ناهيك عما تعنيه سيمفونيات تشايكوفسكي العظيمة (لا سيما السيمفونيات الثلاث الأخيرة) بالنسبة لريبرتوار الموسيقى الكلاسيكية في جميع الأوركسترات حول العالم.

إقرأ المزيد

زاخاروفا: ببساطة نولاند قررت الاستقالة بسبب فشل المسار المناهض لروسيازاخاروفا: ببساطة نولاند قررت الاستقالة بسبب فشل المسار المناهض لروسيا

وقد ولد تشايكوفسكي في مدينة فوتكينسك بروسيا، والتحق بمدرسة القانون في بطرسبورغ قبل أن يتجه إلى دراسة الموسيقى في كونسيرفاتوار بطرسبورغ الذي تأسس عام 1862، ليكون بيوتر تشايكوفسكي هو أول خريجيه عام 1865.

وعلى الرغم من رحيله المبكر إلا أن بيوتر تشايكوفسكي ترك إرثا هائلا تضمن 10 أوبرات، أشهرها “يوجين أونيغين” (1878)، و”مازيبا” (1883)، و”ملكة البستوني” (1890). كذلك كتب تشايكوفسكي 6 سيمفونيات وسيمفونية سابعة بعنوان “مانفريد”، وأربع متتاليات للأوركسترا إلى جانب متتالية “كسارة البندق” من الباليه الذي يحمل نفس الاسم، وكتب تشايكوفسكي كذلك عدد من أعمال الكونشيرتو لعل أشهرها كونشيرتو البيانو والأوركسترا رقم 1 وتنويعات على لحن من عصر الروكوكو للتشيللو المنفرد والأوركسترا، وكذلك مجموعات للبيانو المنفرد أشهرها “فصول السنة”، و”ألبوم الأطفال”، وكتب لموسيقى الحجرة 3 رباعيات، وثلاثي البيانو، ومن بين مؤلفاته أيضا 104 أغنية على أشعار عدد من الشعراء الروس من بينهم بوشكين وليرمونتوف.

إلا أن كل ذلك لم يشفع لتشايكوفسكي لدى نظام كييف الذي قرر مؤخرا أن يتم تغيير شارع المؤلف الموسيقي الروسي الكبير تشايكوفسكي في العاصمة كييف إلى شارع فيكتوريا نولاند، وهو القرار الذي اتخذه نواب مجلس العاصمة الأوكرانية لتخليد صديقة ميدان 2014 الأوروبي في أوكرانيا التي كانت توزع الحلوى على المتظاهرين من أجل قلب نظام الحكم، وما أسفر عنه الانقلاب فيما بعد من انفصال وصراعات وحروب لا تزال تنزف دما سلافيا حتى هذه اللحظة.

فمن هي فيكتوريا نولاند التي أزاحت بيوتر تشايكوفسكي من شوارع العاصمة الأوكرانية كييف؟

نولاند تعد واحدة من الملهمين الأيديولوجيين للانقلاب في أوكرانيا (2014)، وكانت نائبة وزير الخارجية الأمريكية آنذاك حاضرة شخصيا في الميدان، حيث يتذكرها الجميع لأنها كانت توزع الحلوى في الميدان، وكان وصولها هو ما دفع المجلس الانقلابي في كييف لحد كبير إلى استخدام القوة ضد ضباط إنفاذ القانون، الذين ضمنوا النظام أثناء الاحتجاجات.

وظلت المهمة الرئيسية لنولاند خلال العشر سنوات الأخيرة، وفقا لمحللين، هي “إلحاق هزيمة استراتيجية بروسيا”، وهي المهمة التي كانت ذروتها في الهجوم الأوكراني المضاد الذي تم سحقه وفشل فشلا ذريعا بشهادة المحللين العسكريين الغربيين.

وعملت نولاند خلال فترة عملها بوزارة الخارجية الأمريكية على تعزيز أوكرانيا كدولة معادية لروسيا، وتشكيل نظام إداري في أوكرانيا يعتمد على الولايات المتحدة.

لهذا رأى نواب مجلس المدينة في كييف أن يردوا الجميل لفيكتوريا نولاند، بمناسبة اقتراب موعد تقديمها استقالتها، فحذفوا جزءا لا يتجزأ من الثقافة الأوكرانية والروسية والعالمية مقابل الحلوى الأمريكية التي يبدو أنها رسخت على نحو أعمق في أذهان مسؤولي كييف.

لكن، ما العجب هنا، فقد قام نظام كييف ومن ورائه أوروبا و”الناتو” بتزوير تاريخ الحرب العالمية الثانية، واعترف الرئيس الأوكراني الأسبق فيكتور يوشينكو بستيبان بانديرا بطلا قوميا في أوكرانيا. في الوقت الذي قام به بانديرا بالتواطؤ مع قوات النازي، وارتكب فظائع وعمليات قتل جماعي واسعة ضد السكان البولنديين واليهود.

محمد صالح

المقالة تعبر فقط عن رأي الصحيفة أو الكاتب



(adsbygoogle = window.adsbygoogle || []).push({});

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.