وتلقت الأرض مياهها الفعلية من خلال أجسام صلبة تعرف باسم “الكواكب المصغرة”، والتي ظهرت عند درجات حرارة منخفضة في النظام الشمسي الخارجي.
وقد لعبت هذه الكواكب المصغرة، دور خدمة التوصيل الكونية، حيث جلبت باستمرار المواد اللازمة لبناء الكواكب، بما في ذلك أرضنا، التي كانت تحتوي في البداية على القليل من الماء.
وشرح البروفيسور ماريو تريلوف، مدير مختبر كلاوس تشيرا للكيمياء الكونية في معهد علوم الأرض بجامعة هايدلبرغ، أن هذه الأجسام الصغيرة لم تزودنا فقط بمواد بناء الكواكب، بل إنها في الواقع مصدر مياه الأرض.
نشأت هذه الكواكب المصغرة في درجات حرارة أكثر برودة في النظام الشمسي الخارجي، حيث يوجد الجليد كماء في حالة صلبة.
وهذا يتناقض بشكل صارخ مع الأجرام السماوية الأخرى التي تشكلت في وقت سابق من تاريخ النظام الشمسي، والتي كانت شديدة الحرارة وقريبة جدا من الشمس بحيث لا تؤوي الجليد.
وشهدت الأجسام التي تشكلت مبكرا ظروفا حرارية شديدة، ما منع تراكم أو حفظ المواد المتطايرة مثل الماء.
ومن خلال التحليل الدقيق لبيانات العمر واستخدام النماذج الحسابية المتطورة، تمكن فريق بحث دولي يضم علماء أرض بارزين من جامعة هايدلبرغ، من تتبع التطور الحراري للأجسام الأصلية لهذه الكواكب المصغرة.
وتضمنت أبحاثهم فحص التركيبات النظائرية وإجراء عمليات المحاكاة لفهم ديناميكيات الحرارة وتركيب المواد لدى هذه الأجسام المبكرة في النظام الشمسي.
واكتشف الفريق أن بعض الكواكب المصغرة تشكلت بسرعة كبيرة، في أقل من مليوني سنة. وتعرضت هذه الأجسام السريعة التكوين لتسخين شديد لدرجة أنها انصهرت تماما، وبالتالي فقدت جميع عناصرها المتطايرة، بما في ذلك الماء.
ومن المحتمل أن يكون التسخين السريع بسبب اضمحلال النظائر المشعة القصيرة العمر، والتي أطلقت كميات كبيرة من الحرارة.
أما المجموعة الثانية من الكواكب المصغرة، كما كشفت النقاب عنها الدراسة الحالية، فقد تشكلت لاحقا عند درجات حرارة أكثر برودة في الأطراف الخارجية للنظام الشمسي.
واستفادت هذه الكواكب المصغرة من البيئة الحرارية المنخفضة، ما سمح لها بالحفاظ على محتواها المائي.
وكانت هذه المياه محاصرة داخل هذه الأجسام ما مكنها من الاحتفاظ بعناصرها المتطايرة على الرغم من تشكلها في مراحل لاحقة من تطور النظام الشمسي.
ووجد العلماء أن قدرة الكواكب المصغرة على التشكل بشكل مستمر، حتى خلال المراحل المتأخرة من النظام الشمسي، كانت بسبب تأثيرات تأخير عدة.
وكانت تأثيرات التأخير هذه حاسمة في السماح لوحدات بناء الكواكب بالاستمرار لفترات طويلة.
وبشكل أساسي، لاحظوا أن الاصطدامات المتكررة بين تكتلات الغبار (المواد الخام للكواكب المصغرة) أعاقت النمو السريع للكواكب الصغيرة.
وهذه التكتلات، المكونة من جزيئات صغيرة، سوف تتصادم وتلتصق بعضها ببعض، لكن البيئة الفوضوية للنظام الشمسي المبكر تسببت في تفكك هذه التكوينات بشكل متكرر.
وأدت هذه الدورة المستمرة من الاصطدام والتشظي إلى إبطاء عملية التكوين، ما مكن الكواكب المصغرة من الاستمرار في التشكّل على فترات زمنية أطول بكثير.
وتشير الدراسة إلى أن هذه الأجسام الحاملة للمياه كان لها دور فعال في تشكيل كوكبنا إلى عالم صالح للسكن، ما ساهم بشكل كبير في محتواه المائي خلال المراحل الأولى من تطوره.
وبما أن ولادة الكواكب المصغرة في أنظمة الكواكب خارج المجموعة الشمسية تعمل وفقا لنفس القوانين الفيزيائية التي ترعى نظامنا الشمسي، فقد افترض فريق البحث إمكانية وجود كواكب شبيهة بالأرض في أماكن أخرى من الكون.
وقد تكون هذه بداية لفهم جديد لإمكانيات وجود الحياة في الكون.
المصدر: Earth.com
(adsbygoogle = window.adsbygoogle || []).push({});
Source link