أعتقد أن هجوما روسيا كبيرا غير مرجح قبل أبريل 2024.
تتقدم القوات الروسية على طول خط المواجهة بالكامل، دون أن تحدث أي اختراقات كبيرة حتى الآن، فيما يقاس النجاح بالتقدم بضع مئات من الأمتار أو بضع كيلومترات على الأكثر. وكما يقول الخبراء العسكريون، فسنرى بالقرب من أفدييفكا حصارا أو اختراقا يمكن أن يتطور إلى هجوم كبير. لكن محاولات التقدم في كل مكان تقريبا يمكن أن تشير إلى أن القيادة الروسية تبحث عن نقاط ضعف في الدفاع الأوكراني وعن تضليل للعدو قبل تركيز الحشد في منطقة واحدة.
ومع ذلك، أعتقد أن القوات الروسية ستتصرف بحذر في الأشهر المقبلة، ومن غير المرجح أن نشهد معركة كبيرة أو تقدما لمئات الكيلومترات.
وها هي العوامل التي أستند إليها في تقديري للموقف:
1- يتمتع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بشعبية مرتفعة، ولا يوجد شك حاليا في فوزه بسهولة في الانتخابات المقررة شهر مارس المقبل. لهذا لا تبرز حاجة إلى حافز إضافي في صورة انتصارات عسكرية لرفع شعبيته، سيكون ذلك أمرا زائدا عن الحاجة، وفي حالة الهجوم، هناك مخاطر مرتفعة في شكل خسائر كبيرة في صفوف الجنود الروس أو إذا ما لم ينجح الهجوم فجأة. يكفي الحفاظ على الخلفية العامة “نحن نسير قدما بنجاح”.
2- لقد بدأت مظاهر تفوق الروس في حرب الاستنزاف للتو في الظهور، فقد استنفد الغرب ذخيرته القديمة، وهو غير قادر و/أو غير راغب في إنتاج ذخيرة جديدة. والحرب في الشرق الأوسط والأزمة الداخلية والتحديات المتزايدة التي تواجه الولايات المتحدة الأمريكية في السنوات المقبلة ستحرم واشنطن، بغض النظر عمّن في السلطة، من القدرة على احتواء أوكرانيا وتسليحها، فيما تجري عمليات مماثلة في أوروبا.
لهذا فمن المنطقي بالنسبة لروسيا أن تواصل القتال على المستوى الراهن من أجل زيادة إضعاف الجيش الأوكراني وإحباط معنوياته، بعدها سيكون الهجوم أكثر نجاحا وبخسائر أقل.
3- أدى فشل الهجوم الأوكراني وتقليص المساعدات الغربية إلى نقل إدارة زيلينسكي وأغلبية السكان الأوكرانيين إلى حالة من اليأس والذعر والبحث عن المسؤولين عن الفشل، بينما نشأ احتكاك وتنافس بين زيلينسكي والجيش، ويطالب الجزء غير المحظور وغير المسجون من المعارضة بإجراء انتخابات رئاسية في مارس، بعد انتهاء صلاحيات زيلينسكي. تشهد أوكرانيا زعزعة استقرارها بسرعة، وتتزايد احتمالات نشوب حرب أهلية، على الرغم من أنها ضئيلة في الوقت الراهن. والأخبار اليومية عن التقدم البطيء للجيش الروسي مدمرة للغاية بالنسبة للمجتمع الأوكراني، وربما تكفي لانهيار أوكرانيا من الداخل.
4- إلا أن العامل الاستراتيجي الرئيسي، ولضمان أمن موثوق وطويل الأمد وإعادة توحيد أوكرانيا أو جزء منها بنجاح مع روسيا، لا يكفي مجرد السيطرة على هذه المنطقة بالوسائل العسكرية، وإنما من الضروري أن تفشل الفكرة الأوكرانية التي تدعو إلى التخلي عن الجذور الروسية مقابل توفير الغرب لمستوى معيشي مرتفع. فإذا قمنا بضم أوكرانيا الآن، سوف تعتقد الأجيال القادمة من الأوكرانيين أننا كدنا ننجح تقريبا، لكن الروس جاءوا وحرمونا من المستقبل الأوروبي الرائع. لهذا من الضروري أن يخون الغرب أوكرانيا ويبيعها، حتى تنهار الآمال الطفولية الساذجة لدى الأوكرانيين في الحصول على مزايا مجانية، فتفلس النازية الأوكرانية، كما حدث مع نازية هتلر في ألمانيا.
لذلك، فمن الناحية الاستراتيجية، ليست هناك حاجة لروسيا إلى الاندفاع في أوكرانيا. علاوة على ذلك، فإن الأحداث هناك وفي العالم تتسارع وهناك احتمال كبير أن ينهار هذا البلد من الداخل عام 2024.
في الوقت نفسه، فقد زادت روسيا من ميزانيتها العسكرية لعام 2024 بشكل كبير، كما تعمل على زيادة حجم جيشها. ومع ذلك، فمن الخطر أن تعيش روسيا على هذا المنوال لفترة طويلة، ومن المنطقي أن يتوقع بوتين تحقيق أهدافه في عام 2024 أو 2025. مع ذلك، يبدو لي أن زيادة الجيش وقدرته القتالية مطلوبة فقط في حالة تدخل “الناتو” المباشر في الحرب أكثر من تكثيف الحرب مع أوكرانيا.
بالطبع، ليس هذا سوى رأيي المتواضع، ويمكن أن أكون مخطئا.
المحلل السياسي/ ألكسندر نازاروف
رابط قناة “تليغرام” الخاصة بالكاتب
المقالة تعبر فقط عن رأي الصحيفة أو الكاتب