تبشر عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض بتغييرات كبيرة في السياسة الخارجية الأمريكية. يذكر الخبراء سمتين على الأقل من سمات السياسة الخارجية الأمريكية التي سيضطر ترامب إلى التخلي عنها:
أولاً، سوف تتخلى الولايات المتحدة عن تصدير الديمقراطية الليبرالية.
في الواقع، لقد طال انتظار هذا النهج. فبعد كل شيء، لم يعد الوعظ الأخلاقي يعمل. ليس فحسب لأن الولايات المتحدة لم تعد منارة أخلاقية، بل وأيضًا لأن العديد من الدول (بما في ذلك عدد من حلفاء الولايات المتحدة) بدأت تولي سيادتها اهتمامًا متزايدًا. وباتوا يقاومون فرض أي قيم مدمرة لمجتمعاتهم من الخارج.
وبعد المواعظ الأخلاقية، سيتم إلقاء مبدأ آخر أكثر أهمية في دبلوماسية العولمة الغربية في سلة المهملات: “من ليس معنا فهو ضدنا”.
ففي السنوات الأخيرة وحدها، فشلت استراتيجية “من ليس معنا فهو ضدنا” خمس مرات على الأقل: مع تركيا، التي، رغم بقائها في الناتو، واصلت التعاون مع روسيا؛ ومع الهند، التي حاولت الولايات المتحدة دون جدوى إجبارها على التوقف عن التعاون مع إيران وروسيا؛ ومع المملكة العربية السعودية، التي تعمل على تحسين العلاقات مع الصين؛ ومع المجر، التي رفض رئيس وزرائها فيكتور أوربان اتباع السياسة الأوروبية المتمثلة في عزل روسيا.
وفيما يتعلق بجورجيا، رفضت القيادة هناك بشكل واضح فتح جبهة ثانية ضد روسيا، والمشاركة في العقوبات، وحتى قبول القيم الغربية لمجتمع المثليين.
وفي دول أخرى يرون هذا الآن، ويدركون بما أن جورجيا الصغيرة تمكنت من حماية مصالحها الوطنية، فيمكنهم أن يفعلوا ذلك أيضًا.
الأمريكيون بغنى عن حالات تمرد كهذه على تخومهم، لذا فمن المرجح أن يضيّقوا نطاق مطالبهم.
المقالة تعبر فقط عن رأي الصحيفة أو الكاتب