وجاء في المقال المنشور على الموقع الرسمي لـ “بوليتيكو”:
من رئاسة ترامب المحتملة إلى الطريق المسدود بشأن استراتيجية الحرب في أوكرانيا، يتولى رئيس الوزراء الهولندي السابق مهمة صعبة.
كان والد ينس ستولتنبرغ يقدم بعض النصائح لابنه عندما أصبح أمينا عاما لحلف شمال الأطلسي “الناتو” قبل عقد من الزمان، فقال له: ستكون هذه مهمة مملة.
لن يجرؤ أحد أن يقدم هذه النصيحة لمارك روته الذي تولى رئاسة التحالف العسكري خلفا لستولتنبرغ اليوم الثلاثاء.
وسيظل روته، رئيس الوزراء الهولندي لفترة طويلة، في منصبه لمدة شهر واحد فقط قبل أن يواجه أصعب التحديات الجيوسياسية، الانتخابات الرئاسية الأمريكية، التي قد تثبت أنها لحظة حاسمة للتحالف الغربي، الذي كان حجر الأساس للسلام والأمن في أوروبا منذ نهاية الحرب الباردة.
وقال دبلوماسي في حلف “الناتو”، طلب عدم الكشف عن هويته للتحدث بحرية: “يمكنك أن تتوقع رؤية روته بانتظام في الولايات المتحدة بعد نوفمبر المقبل”.
وسوف يكون هذا صحيحا بشكل أكبر إذا فاز دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية، 5 نوفمبر، حيث كان ينتقد “الناتو” ويحث أعضاء التحالف على المساهمة بشكل أكبر، ويحذره أنه “لولا الولايات المتحدة لما كان الحلف ليوجد حرفيا”. كما قال ترامب إنه يريد إنهاء حرب روسيا ضد أوكرانيا من خلال التفاوض بدلا من مساعدة كييف على الرد.
لقد حمل روته يوما لقب “هامس ترامب”، إلا أن ذلك كان عندما لم تكن أوروبا تتعامل مع حرب شاملة على أراضيها.
وحتى لو فازت كامالا هاريس، الأكثر تعاطفا مع أوكرانيا بالبيت الأبيض، فسيظل روته يوجه صعوبة في إيجاد التوازن بين حلفاء “الناتو” البالغ عددهم 32، ممن ضغط العديد منهم على واشنطن (وبرلين) لإزالة القيود المفروضة على قدرة كييف على استخدام الأسلحة الغربية المتقدمة لضرب أهداف عسكرية مباشرة في روسيا، وهي الخطوة التي تعتبرها إدارة بايدن تصعيدية.
ستراقب واشنطن كذلك ما إذا كانت دول “الناتو” ستزيد من إنفاقها الدفاعي، فثمانية من الدول الأعضاء في الحلف الأوروبي لا تحقق الهدف الذي تم تحديده قبل عقد من الزمان، بالوصول إلى إنفاق 2% من الناتج المحلي الإجمالي على الدفاع.
وفي عهد روته، فشلت الحكومات الهولندية باستمرار في الوصول إلى هدف الإنفاق هذا، ومن المقرر أن تفي البلاد بهذا الالتزام هذا العام فقط.
وقد قال إلبريدج كولبي، وهو مسؤول دفاعي كبير في إدارة ترامب السابقة 2017-2021، لـ “بوليتيكو”: “سيكون من الضروري أن يضغط الأمين العام روته بقوة على زيادة الإنفاق الدفاعي الأوروبي بسرعة وبشكل عاجل. سيكون من المهم بشكل خاص بالنسبة له أن يثبت ذلك بوضوح، بالنظر إلى السجل الضعيف لهولندا في الإنفاق الدفاعي على مدى العقد الماضي”.
وتابع كولبي: “إن المسار نحو تحالف عبر أطلسي مستدام وقابل للتطبيق واضح للغاية: يجب على أوروبا أن تتولى زمام المبادرة في دفاعها، ولا تستطيع الولايات المتحدة أن تفعل كل شيء ويجب أن تركز على آسيا عاجلا أم آجلا، ويفضل في أسرع وقت ممكن”.
ولم يتسن لـ “بوليتيكو” الوصول إلى روته للتعليق، وسيتحدث إلى وسائل الإعلام لأول مرة من منصبه الجديد يوم الثلاثاء.
لكن روته سيتولى قيادة حلف “الناتو” الذي سيضطلع الآن بجزء مما كان في السابق مبادرة بقيادة الولايات المتحدة للإشراف على نقل الأسلحة الغربية إلى كييف، وهي آلية أحد المشاريع الرئيسية لسلفه ستولتنبرغ في الأشهر القليلة الأخيرة في منصبه.
وقال ستولتنبرغ في مقابلة مع “بوليتيكو”، الاثنين: “ما زلت على اعتقادي بأنه لو كنا قد قمنا بتسليح أوكرانيا بشكل أكبر، بعد عام 2014 (حين ضم شبه جزيرة القرم)، لكان من الممكن أن نمنع روسيا من الغزو. على الأقل كنا لنزيد من عتبة الغزو الكامل”.
لن تقتصر ولاية روته على الولايات المتحدة، لكن دول البلطيق هي الأخرى ستحكم على أدائه، بعد أن تساءلت عن سجله السابق في الإنفاق الدفاعي وافتقاره إلى المشاركة مع المنطقة. في الوقت نفسه لم ترغب رومانيا في حصول روته على المنصب الأعلى في حلف شمال الأطلسي في المقام الأول، ودفعت بدلا منه برئيسها كلاوس يوهانيس.
قال وزير الخارجية الليتواني غابرييليوس لاندسبيرغيس لـ “بوليتيكو”: “في عدد من المناسبات، ظهر روته كرجل دولة أوروبي متمرس وساعد كثيرا في ضمان الدعم الثابت لأوكرانيا، وبالتالي نتوقع منه أيضا أن يأخذ في الاعتبار ويحدد أولوياته أو اهتمامه بالتحديات الأمنية للدول الواقعة على خط المواجهة”.
ومنذ تنحيه عن منصبه رئيسا لوزراء هولندا، تجنب روته إلى حد كبير الأضواء. فتجاهل قمة “الناتو” في واشنطن، يوليو الماضي، لأنه لم يكن في منصبه الجديد بعد. ومع ذلك، فقد نظم حفلة شاطئية صيفية في هولندا لأقرب مساعديه وموظفي مكتبه السابقين.
ومن المتوقع أن يضم روته ما يصل إلى خمسة مسؤولين هولنديين في فريقه الأعلى بحلف “الناتو”، بما يتماشى مع التقاليد الإدارية. وسيتعين على الهولندي، المعروف بركوب الدراجة حول لاهاي، أن يتكيف أيضا مع الترتيبات الأمنية الأكثر تدخلا في بروكسل، بما في ذلك الإقامة في مسكن مسوّر على حافة منتزه بوا دي لا كامبر.
المصدر: بوليتيكو
المقالة تعبر فقط عن رأي الصحيفة أو الكاتب