بوتين لن يلتقي ترامب ولن يتم تجميد الصراع في أوكرانيا

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.


أوكرانيا، التي لا يستطيع الاقتراب حتى من الوفاء بوعده بتحقيق السلام، بل وحتى تجميد الصراع. لكني أعتقد أن غرينلندا وكندا قضيتان خطيرتان في حد ذاتهما، دون التقليل من رغبة ترامب في تغيير دفة الحديث.

فأوكرانيا فخ، يمسك بترامب بقوة ولا يسمح له بالبدء في تنفيذ برنامجه الرئيسي. والتخلص من أوكرانيا بوسيلة أو بأخرى، من دون هزيمة واضحة، هو الهدف الأول لترامب.

واللقاء المحتمل مع بوتين لن يجلب لترامب نتيجة إيجابية، لأن تجميد الصراع في هذه المرحلة غير مقبول بالنسبة لموسكو. والعواقب الاقتصادية الكبيرة التي ترتبت على الحرب على الاقتصاد الروسي، بما في ذلك احتياطيات النقد الأجنبي التي سرقها الغرب، والخسائر البشرية، تتطلب تعويضات أكبر بكثير من الاستحواذ على أراضي صغيرة نسبيا دمرتها الحرب مع الحفاظ على أوكرانيا، التي سوف تستمر في التدهور، وستصبح أكثر عداء لروسيا بعشرات الأضعاف، وستفقدها روسيا لقرون عدة إن لم يكن إلى الأبد. من غير المرجح كذلك أن يتم رفع العقوبات عن روسيا في المستقبل القريب وبشكل كامل. كما أن مسار الحرب في الوقت الراهن يبدو لصالح روسيا، ولا تستطيع أوكرانيا أن تخوض حربا بمفردها (يغطي الغرب أكثر من نصف جميع نفقات وجودها، ويزودها بالأسلحة والموارد الحيوية)، بينما في الغرب، وخاصة في أوروبا، يزداد التعب من الحرب بسرعة، ما يؤدي إلى عدد من الأزمات الحكومية، والتنويم المغناطيسي بأن تجميد الصراع قد أصبح قريبا، بل حتى حتميا.

إقرأ المزيد

هل انتهى المحور الشيعي في الشرق الأوسط؟ هل انتصرت تركيا وإسرائيل نهائيا وإلى الأبد؟

 في الوقت نفسه، من الطبيعي أن يستغل الغرب تجميد الحرب لمنح أوكرانيا قسطا من الراحة وإعادة تسليحها، وهو ما سيستخدمه الغرب مرة أخرى لشن عدوان جديد على روسيا، خاصة إذا انتصر الغرب في المواجهة مع الصين.

باختصار فإن تجميد خط المواجهة، حتى مع التنظيم اللاحق للانتخابات في أوكرانيا واستبدال زيلينسكي بدمية غربية أخرى، سوف ينظر إليه، إن لم يكن من قبل الأغلبية، فمن قبل جزء كبير من المجتمع الروسي، على أنه خيانة وهزيمة مع إمكانية أن يؤدي ذلك إلى زعزعة للاستقرار في البلاد مع عواقب لا يمكن التنبؤ بها.

بالتزامن، فإن لقاء ترامب مع بوتين سيعيد أوكرانيا مرة أخرى إلى دائرة الأضواء، وهو ما سيتطلب من ترامب التصعيد في غياب نتيجة إيجابية من الاجتماع، وإلا فسينظر إليه على أنه هزيمة داخل الولايات المتحدة والحزب الجمهوري.

وليس لدى ترامب الوقت الكافي للقيام بما خطط له حتى بدون أوكرانيا، في حين أن تصعيد الصراع مع روسيا لا يمكن أن يؤدي إلى أي نتائج سريعة بخلاف الحرب النووية، وهو ما يتناقض بشكل مباشر مع نوايا ترامب في الانتصار بالمواجهة العالمية مع الصين والحفاظ على الهيمنة الأمريكية العالمية.

لهذا أعتقد أنه وبرغم كل الأحاديث حول هذه القضية، فإن ترامب لن يسعى فعليا إلى عقد اجتماع. ويرغب بوتين أيضا في إزالة أوكرانيا من عناوين الأخبار الرئيسية حول العالم. ومن الواضح أن التصعيد، الذي من المرجح جدا أن يحدث بعد فشل أي لقاء محتمل، ليس في مصلحة موسكو أيضا.

بهذه الطريقة، فإن كل من ترامب وبوتين مهتمان بتقليص اهتمام العالم بأوكرانيا، وسيحقق كل منهما ذلك بطريقته الخاصة. ترامب يصدم الرأي العام بقضايا مثل ضم غرينلندا، وبوتين يبطئ الهجوم في أوكرانيا، ويجعل انهيارها سلسا وأقل صدمة للغرب قدر الإمكان.

في رأيي المتواضع أنه من المرجح أن يحول ترامب جميع تكاليف أوكرانيا إلى أوروبا، سعيا للحفاظ على الحالة الراهنة غير المؤكدة للصراع بكثافة منخفضة نسبيا. فتتوقف القضية الأوكرانية ببساطة عن أن تكون من بين عناوين الأنباء الرئيسية لفترة من الوقت، على الأقل حتى الانهيار المحتمل للجبهة وتطور الأحداث بشكل كارثي بالنسبة لكييف.

ولكن من الصعب التنبؤ بالعام المقبل، وسيتم تعديل خطط السياسيين باستمرار وفقا للتحولات غير المتوقعة للأحداث. ولعله من الأفضل أن نضيف إلى عنوان المقال عبارة “في الأشهر المقبلة”، حيث لا يمكن أن يكون هناك أي شيء على وجه التأكيد.

المحلل السياسي/ ألكسندر نازاروف

رابط قناة “تلغرام” الخاصة بالكاتب

 

المقالة تعبر فقط عن رأي الصحيفة أو الكاتب

(adsbygoogle = window.adsbygoogle || []).push({});
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.